كتاب مسند أبي عوانة - ط المعرفة (اسم الجزء: 1)

قَالَ : فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ : رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكُمْ لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ ، وَقَالَ النَّاسُ : نَبِيُّ اللهِ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ ، قَالَ : إِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ يَرْشُدُوا ، قَالَ : فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ حِينَ حَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ ، أَوْ قَالَ : حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ ، وَهُمْ يَقُولُونَ : يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكْنَا عَطَشًا ، فَقَالَ : لاَ هُلْكَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، فَنَزَلَ ، فَقَالَ : أَطْلِقُوا لِي غِمْرِي يَعْنِي الْغِمْرَ : الْقَعْبَ الصَّغِيرَ ، وَدَعَا بِالْمِيضَاةِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ مَا فِيهَا تَكَابُّوا ، فَقَالَ : أَحْسَنُوا الْمَلأَ وَكُلُّكُمْ سَيُرْوَى ، قَالَ : فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ وَأَسْقِيهِمْ حَتَّى مَا بَقِيَ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، قَالَ : فَصَبَّ وَقَالَ : اشْرَبْ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ لاَ أَشْرَبُ حَتَّى تَشْرَبَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ ، قَالَ : فَشَرِبْتُ وَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ : إِنِّي لَفِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا الْجَامِعِ أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ ، إِذْ قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ : انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي أَحَدُ الرُّكَبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، قَالَ : قُلْتُ : أَبَا نُجَيْدٍ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ ، قَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : مِنَ الأَنْصَارِ ، قَالَ : فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ , حَدِّثِ الْقَوْمَ ، قَالَ : فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ ، فَقَالَ عِمْرَانُ : شَهِدْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَمَا شَعَرْتُ أَنَّ أَحَدًا حِفْظَهُ كَمَا حَفِظْتُهُ.
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّرْغِيبَ لِلْمُسَافِرِ يَعْدِلُ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحُطَّ رَحْلَهُ ، أَوْ يَنَامَ ، وَكَرَاهِيَةُ التَّعْرِيسِ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَأَنَّ سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا.

الصفحة 566