كتاب التقريب والإرشاد (الصغير) (اسم الجزء: 1)

محرم سنة ٣٥٢ هـ. بإغلاق الحوانيت في بغداد، وإبطال البيع والشراء في الأسواق، وإظهار النياحة، وأن تخرج النساء منشورات الشعور، مسودات الوجوه، يلطمن وجوههن على الحسين بن علي - رضي الله عنهما - وأمر في الثامن عشر من ذي الحجة من نفس العام بإظهار الزينة وإشعال النيران احتفالًا بعيد "غديرخم" مما كان يؤدي إلى قيام اضطرابات مسلحة بين الناس والجند.

الحالة الثقافية:
بالرغم مما كانت عليه الحالة السياسية من عدم الاستقرار، وما كانت عليه الحالة الاجتماعية من التفكك وانتشار الظلم، فإن هذا لم يضعف الحركة العلمية والثقافية والفكرية، بل قد أججها وزادها قوة، وذلك لأسباب كثيرة نذكر منها:
أولًا: إن الصراع العقدي الموجود بين المعتزلة وأهل السنة من جهة، والشيعة وأهل السنة من جهة أخرى أثرى الفكر الإسلامي، لما كان يدور بينهم من مناظرات في ردهات القصور وعند سواري المساجد. وكذلك فقد نشط التأليف من شتى الفرق والمدارس ليبين كل معتقده ومذهبه بيانًا شافيًا، كما يرد على طعون خصومهم بإسهاب، فألفت المطولات، وخاصة في الاعتقاد. ولم يقتصر كل إمام على مصنف أو مصنفين، بل تجد للواحد منهم العديد من المصنفات. وسيظهر لك هذا الأمر جليًا عند ذكر مصنفات القاضي الباقلاني. التي كان معظمها في مباحث العقيدة وإن تعددت مواضيعها، والفرق التي نقدها، وأبطل ما هي عليه بأدلة ساطعة وبراهين

الصفحة 17