كتاب التقريب والإرشاد (الصغير) (اسم الجزء: 1)

المبحث الثاني

ولادته ونشأته وأسرته
كثير من العلماء يصعب التوصل إلى معرفة تاريخ ولادتهم على وجه الدقة إلا من كان منهم من أبناء أصحاب الجاه والسلطان حيث يحتفي بميلادهم. أما أبناء عامة الناس فغالبًا لا يفطن لتأريخ يوم مولدهم لحجب الله علم الغيب عن الناس فيما سيكون للمولود من منزلة في المجتمع الذي سيعيش فيه، وما سيكون عليه من جاه ومنصب.
أما بالنسبة لتأريخ الوفاة فقلما يمتد الجهل إليها، ولذا تجد كتب التراجم للأعلام لا تخلو من سنة الوفاة، وقلما تذكر سنة الميلاد، وإن ذكرتها فغالبًا يكون على سبيل التقدير والاستنتاج والتقريب.
والباقلاني - رحمه الله - ولد في أسرة متواضعة لرجل ليس من مشاهير الناس ولا سادتهم، ويدل على ذلك ما تناقلته كتب التراجم من أن والده كان يبيع الباقلاء ليكسب قوته وقوت عياله. كما أن كتب التراجم لم تذكر لنا من نسله - أيضًا - إلا ابنه الحسن، الذي توفى بعد والده، ويبدو أنه كان من طلبة العلم لما جاء في ختام إحدى نسخ كتاب والده "إعجاز القرآن" المحفوظة بالمتحف البريطاني: "هذا ما كتبه المؤلف لخزانة كتب عضد الدولة، وطالع فيه الحسن ابن المؤلف سنة ٣٩٩ هـ". وقد ذكر كل من الخطيب البغدادي وصاحب وفيات الأعيان والقاضي عياض في مصنفاتهم أنه صلى على والده لما توفي.

الصفحة 24