كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 1)

كَالْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ سَوَاءٌ، فَمَنْ فَهِمَ مِنَ الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ الْأَحْمَرَ الْبَحْتَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الْبُرْدَ الْأَخْضَرَ كَانَ أَخْضَرَ بَحْتًا، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ.
وَكَانَتْ مِخَدَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُدُمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَالَّذِينَ يَمْتَنِعُونَ عَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ مِنَ الْمَلَابِسِ وَالْمَطَاعِمِ وَالْمَنَاكِحِ تَزَهُّدًا وَتَعَبُّدًا بِإِزَائِهِمْ طَائِفَةٌ قَابَلُوهُمْ، فَلَا يَلْبَسُونَ إِلَّا أَشْرَفَ الثِّيَابِ، وَلَا يَأْكُلُونَ إِلَّا أَلْيَنَ الطَّعَامِ، فَلَا يَرَوْنَ لُبْسَ الْخَشِنِ وَلَا أَكْلَهُ تَكَبُّرًا وَتَجَبُّرًا، وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ هَدْيُهُ مُخَالِفٌ لِهَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الشُّهْرَتَيْنِ مِنَ الثِّيَابِ الْعَالِي وَالْمُنْخَفِضِ، وَفِي السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ ثُمَّ تَلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ» ) وَهَذَا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الِاخْتِيَالَ وَالْفَخْرَ، فَعَاقَبَهُ اللَّهُ بِنَقِيضِ ذَلِكَ فَأَذَلَّهُ كَمَا عَاقَبَ مَنْ أَطَالَ ثِيَابَهُ خُيَلَاءَ بِأَنْ خَسَفَ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) وَفِي

الصفحة 140