كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 1)

يَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ السَّيْفَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الدِّينَ إِنَّمَا قَامَ بِالسَّيْفِ، وَهَذَا جَهْلٌ قَبِيحٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَكَّأَ عَلَى الْعَصَا وَعَلَى الْقَوْسِ.
الثَّانِي: أَنَّ الدِّينَ إِنَّمَا قَامَ بِالْوَحْيِ، وَأَمَّا السَّيْفُ فَلِمَحْقِ أَهْلِ الضَّلَالِ وَالشِّرْكِ، وَمَدِينَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ فِيهَا إِنَّمَا فُتِحَتْ بِالْقُرْآنِ وَلَمْ تُفْتَحْ بِالسَّيْفِ.
وَكَانَ إِذَا عَرَضَ لَهُ فِي خُطْبَتِهِ عَارِضٌ اشْتَغَلَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى خُطْبَتِهِ ( «وَكَانَ يَخْطُبُ فَجَاءَ الحسن والحسين يَعْثُرَانِ فِي قَمِيصَيْنِ أَحْمَرَيْنِ، فَقَطَعَ كَلَامَهُ فَنَزَلَ فَحَمَلَهُمَا ثُمَّ عَادَ إِلَى مِنْبَرِهِ ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] [الْأَنْفَالِ: 28] رَأَيْتُ هَذَيْنِ يَعْثُرَانِ فِي قَمِيصَيْهِمَا فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ كَلَامِي فَحَمَلْتُهُمَا» )
( «وَجَاءَ سليك الغطفاني وَهُوَ يَخْطُبُ فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ: قُمْ يَا سليك فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجوَّزْ فِيهِمَا» )

الصفحة 183