كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 1)

وَفِي " سُنَنِ أبي داود " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: (مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ) » .
وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ " عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَأَى عَلَيْهِمْ ثِيَابَ النِّمَارِ، فَقَالَ: ( «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ سَعَةً أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ» ) .
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهِ تَجْمِيرُ الْمَسْجِدِ، فَقَدْ ذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ أَنْ يُجَمَّرَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ كُلَّ جُمُعَةٍ حِينَ يَنْتَصِفُ النَّهَارُ.
قُلْتُ: وَلِذَلِكَ سُمِّيَ نُعَيْمٌ الْمُجْمِرَ.
السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّفَرُ فِي يَوْمِهَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ قَبْلَ فِعْلِهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَهِيَ رِوَايَاتٌ مَنْصُوصَاتٌ عَنْ أحمد، أَحَدُهَا: لَا يَجُوزُ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ، وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ لِلْجِهَادِ خَاصَّةً.
وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَيَحْرُمُ عِنْدَهُ إِنْشَاءُ السَّفَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَهُمْ فِي سَفَرِ الطَّاعَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: تَحْرِيمُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ النووي، وَالثَّانِي: جَوَازُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الرافعي.

الصفحة 370