كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 1)
عَصًا. وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى سَيْفٍ، وَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى السَّيْفِ دَائِمًا، وَأَنَّ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الدِّينَ قَامَ بِالسَّيْفِ، فَمِنْ فَرْطِ جَهْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْفَظُ عَنْهُ بَعْدُ اتِّخَاذُ الْمِنْبَرِ أَنَّهُ كَانَ يَرْقَاهُ بِسَيْفٍ وَلَا قَوْسٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا قَبْلَ اتِّخَاذِهِ أَنَّهُ أَخَذَ بِيَدِهِ سَيْفًا الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ.
وَكَانَ مِنْبَرُهُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ قَبْلَ اتِّخَاذِهِ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا تَحَوَّلَ إِلَى الْمِنْبَرِ، حَنَّ الْجِذْعُ حَنِينًا سَمِعَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَمَّهُ، قَالَ أنس: حَنَّ لَمَّا فَقَدَ مَا كَانَ يَسْمَعُ مِنَ الْوَحْيِ، وَفَقْدَهُ الْتِصَاقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَلَمْ يُوضَعِ الْمِنْبَرُ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا وُضِعَ فِي جَانِبِهِ الْغَرْبِيِّ قَرِيبًا مِنَ الْحَائِطِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِطِ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ.
وَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَوْ خَطَبَ قَائِمًا فِي الْجُمُعَةِ،
الصفحة 415