كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 1)

(بِهَذَا الْبَلَدِ) [الْبَلَدِ: 1] ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بُقْعَةٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ السَّعْيُ إِلَيْهَا وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ الَّذِي فِيهَا غَيْرَهَا، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَوْضِعٌ يُشْرَعُ تَقْبِيلُهُ وَاسْتِلَامُهُ، وَتُحَطُّ الْخَطَايَا وَالْأَوْزَارُ فِيهِ غَيْرَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ. وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ، فَفِي " سُنَنِ النَّسَائِيِّ " وَ" الْمُسْنَدِ " بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عبد الله بن الزبير، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي هَذَا بِمِائَةِ صَلَاةٍ» ) وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلِذَلِكَ كَانَ شَدُّ الرِّحَالِ إِلَيْهِ فَرْضًا، وَلِغَيْرِهِ مِمَّا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ، وَفِي " الْمُسْنَدِ " وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ عبد الله بن عدي بن الحمراء، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْحَزْوَرَةِ مِنْ مَكَّةَ يَقُولُ: ( «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

الصفحة 49