كتاب تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل (اسم الجزء: 1)

وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا ...
فباب من تعنتهم في كفرهم ورحمن غير منصرف عند من زعم أن الشرط انتفاء فعلانة إذ ليس له فعلانة ومن زعم أن الشرط وجود فعلي صرفه إذ ليس له فعلى والاول الوجه
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
{الحمد} الوصف الجميل على جهة التفضيل وهو رفع بالابتداء وأصله النصب وقد قرئ باظمار فعله على أنه من المصادر المنصوبة بأفعال مظمرة في معنى الإخبار كقولهم شكراً وكفراً والعدول عن النصب إلى الرفع للدلالة على ثبات المعنى واستقراره والخبر {لله} اللام متعلق بمحذوف أي واجب أو ثابت وقيل الحمد والمدح أخوان وهو الثناء والنداء على الجميل من نعمة وغيرها تقول حمدت الرجل على إنعامه وحمدته على شجاعته وحسبه وأما الشكر فعلى النعمة خاصة وهو بالقلب واللسان والجوارح قال ... أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا ...
أي القلب والحمد باللسان وحده وهو إحدى شعب الشكر ومنه الحديث الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده وجعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة باللسان أشيع لها من اللاعتقاد وآداب الجوارح لخفاء عمل القلب وما في عمل الجوارح من الاحتمال ونقيض الحمد الذم ونقيض الشكر الكفران وقيل المدح ثناء على ما هو له من أوصاف الكمال ككونه باقياً قادراً عالماً أبدياً أزلياً والشكر ثناء على ما هو منه من أوصاف الإفضال والحمد يشملها والألف واللام فيه للإستغراق عندنا خلافاً للمعتزلة ولذا قرن باسم

الصفحة 29