كتاب تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل (اسم الجزء: 1)

وأجرى عليه تلك الصفات العظام تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بالثناء وغاية الخضوع والاستعانة في المهمات فخوطب ذلك المعلوم المتميز بتلك الصفات فقيل إياك يا من هذه صفاته نعبد ونستعين لا غيرك وقدمت العبادة على الاستعانة لأن تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة أقرب إلى الإجابة أو النظم الآي كما قدم الرحمن وإن كان الأبلغ لا يقدم وأطلقت الاستعانة لتنناول كل مستعان فيه ويجوز أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادات ويكون قوله اهدنا بياناً للمطلوب من المعونة كأنه قيل كيف أعينكم فقالوا
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
{اهدنا الصراط المستقيم} أي ثبتنا على المنهاج الواضح كقولك للقائم قم حتى أعود إليك أي أثبت على ما أنت عليه أو اهدنا في الاستقبال كما هديتنا في الحال وهدى يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد فأما تعديه إلى مفعول آخر فقد جاء متعدياً إليه بنفسه كهذه الآية وقد جاء متعدياً باللام وبالى كقوله تعالى هدانا لهذا وقوله هدانى ربى إلى صراط مستقيم والسراط الجادة من سرط الشئ إذا ابتلعه كأنه يسرط السابلة إذا سلكوه والصراط من قلب السين صاداً لتجانس الطاء في الإطباق لأن الصاد والضاد والطاء والظاء من حروف الإطباق وقد تشم الصاد صوت الزاي لأن الزاي إلى الطاء أقرب لأنهما مجهورتان وهي قراءة حمزة والسين قراءة ابن كثير في كل القرآن وهي الأصل في الكلمة والباقون بالصاد الخالصة وهي لغة قريش وهي الثابتة في المصحف الإمام ويذكر ويؤنث كالطريق والسبيل والمراد به طريق الحق وهو ملة الإسلام

الصفحة 32