كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 1)

التربية والتعليم، منزلة الأستاذ الذي لا يمحو علمه، ولا ينسخ آيته أستاذ سواه، بل كل سائر على سنته، ومستنبع طريقه.
لقد كان من سنن اليونان أيام سقراط وأفلاطون ومن لفَّ لفهما أن يقف الرجل خاشعاً حاسراً الرأس إذا مرت به حامل وما كان ذلك لمظهر جثماني فليس في ذلك ما يدعو إلى الهيبة والخشوع، بل ذلك لما مهد الله لها من عمل روحي ملكّي مقدّس.
فيأيتها الأم الرؤوم: ليس ذاك الذي بين يديك بالطفل الذي يبقى أمد الحياة طفلا، بل هو سر الوجود يذاع عنك وصفحة الحياة تنشر عن أثرك وهو أدل عليك من أسارير وجهك وبيان لسانك.
ليست هذه البَضْعة المتحركة باللعبة الُملهِيَة هي العاَلم الأكبر يضطرب كأضطرابه، ويتخايل في مخايله. فانضري على أي حالة تريدين أن يكون الكون.
ليس ذلك الدارج بين عينيك بالصبى الخَلى بل هو خبيئة الدهر وعُدّتُه وربما ضم معاطف ثوبه على رجل الدنيا وواحدهما. وما ينبئك لعل هناك ملكاً يترقب سيفه، أو عرشاً يطمئن لقدميه، أو أمة تنتظر النصفة من وَضَح رأيه، وفيض بيانه.
إن تلك النزلة التي أعدك الله لها هي تلك التي وصفها بحقّ وصفها بطلُ التاريخ لحديث - بونابرت - فقال: إن المرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بيسراها ولقد سائل ذات مرة: أي حصون فرنسا أمنع؟ فقال: المرأة الصالحة. . .

الصفحة 14