كتاب المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها (اسم الجزء: 1)

حتى يقول:
ألا لا يعلم الأقوام أّنا ... تضعضعنا وأنا قد ونينا
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
بأي مشيئة عمرو بن هند ... تطيع بنا الوشاة وتزدرينا
بأيَّ مشيئة عمرو بن هند ... نكون لقيلِكم فيها قطِينا
تَهدّدنا وأوعدنا رويداً ... متى كنا لأمك مقْتوينا
وكأن ما فعل عمرو بن كلثوم لم يغن تغلبَ كثيراً. فقام مُرة بن كلثوم وقتل ولد النعمان وأخاه ليطفئ جذوة من الغضب هاجها تعمد المهانة لأمه.
ألا إن كلمة واحدة قذَفَت بها امرأة فأصابت مواطن الحسَّ من رجل فهاجمت لها الحرب أربعين عاماً لم يدرّ فيها ضرع، ولم يكتهل بين أثنائها فتى.
وحديث ذلك: أن البسوس ابنة مُنقذ - خالة جَساس بن مرة سيد بني بكر نزل بها ضيف من ذويها يدعى سعداً، فأفسحت دارها له، وأناخت بحظيرتها ناقته، فما كاد يطمئن بالرجل مُقاُمهُ حتى انطلقت ناقته ترعى. وقادها حينها إلى حِمى لكليب بن ربيعة صهر جساس، وفتى العرب، وسيد تغلب - ولم يكن لأحد غير جساس أنن يُرْعِىَ إبِله حِمى كليب - فلما بصُرَ كليب بها غريبة بين إبله أنفذ سهمه في ضرعها، فانطلقت تعدو وهي تشخب دما ولبناً حتى نزلت بفناء البسوس. فلما استبانت ما بها صاحت وأعولت واندفعت تقول:

الصفحة 26