وكان إماما في القراء، والنحويين، سألته عن العلل والشيوخ، وصادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها (¬1)، منها: «المختلف والمؤتلف في أسماء الرجال وغريب اللغة، وكتاب القراءات، وكتاب السنن، والمعرفة بمذاهب الفقهاء» (¬2).
وقال: البرقاني أحد تلاميذه: كان الدارقطني يملي عليّ العلل من حفظه» (¬3). وقال أبو ذر الهروي: قيل للحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟
فقال: هو لم ير مثل نفسه، فكيف أنا (¬4).
ومما يدل على فصاحة لسان «الدارقطني» الكثير من الآراء والأخبار، أذكر منها الخبر التالي: يقول «الخطيب البغدادي»: حدثني «الازهري» أن «أبا الحسن الدارقطني» لما دخل مصر كان بها شيخ علوي من أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له «مسلم بن عبيد الله» وكان عنده كتاب النسب عن الخضر بن داود عن الزبير بن بكار. وكان «مسلم» أحد الموصوفين بالفصاحة المطبوعة على العربية. فسأل الناس «أبا الحسن الدارقطني» أن يقرأ كتاب النسب، ورغبوا في سماعة بقراءته، فأجابهم إلى ذلك، واجتمع في المجلس من كان بمصر من أهل العلم والأدب، والفضل، فحرصوا على أن يحفظوا على أبي الحسن لحنة، أو يظفروا منه بسقطة، فلم يقدروا على ذلك، حتى جعل «مسلم» يعجب ويقول له: «وعربية أيضا» اهـ (¬5).
وكان الدارقطني ملمّا بكثير من العلوم يحفظها عن ظهر قلب، وفي هذا يقول
¬__________
(¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 351.
(¬2) انظر معجم المؤلفين ص 157.
(¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 352.
(¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 352.
(¬5) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35.