وتمام الرّازي، وأبي نعيم الأصبهاني، وأبي محمد الخلال، وأبي الطيب الطبري، وأبي الحسن بن المهتدي بالله (¬1).
وقد منح الخالق العظيم «الدارقطني» ذاكرة قوية، وحافظة أمينة. وفي هذا يقول «الحاكم»: صار «الدارقطني» أوحد عصره في الحفظ، والفهم، والورع، فقال لي: قال الله تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ (¬2) فقلت له: لم أرد هذا، وإنما أردت أن أعلمه لأقول رأيت شيخا لم ير مثله، فقال لي: إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وأما من اجتمع فيه ما اجتمع فيّ فلا» (¬3).
ومن الأدلة أيضا على حافظة «الدارقطني» القوية الخبر التالي: قال البغدادي: «حدثنا الأزهري قال: بلغني أن «الدارقطني» حضر في حداثته مجلس «اسماعيل الصفار، فجلس ينسخ جزءا كان معه، وإسماعيل يملي، فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ. فقال له «الدارقطني»:
فهمي للاملاء خلاف فهمك. ثم قال: كم تحفظ، كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن، فقال: لا أعرف، فقال «الدارقطني»: أملى ثمانية عشر حديثا، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال. ثم قال «الدارقطني»: الحديث الاول منها عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا، والحديث الثاني عن فلان، عن فلان، و، متنه كذا، ولم يزل يذاكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الاملاء حتى أتى على آخرها. فتعجب الناس منه (¬4).
كان الدارقطني مع غزارة علمه قوي الملاحظة، ودقيقا في ضبطه للكلمات والأسماء، والأخبار في ذلك كثيرة. أذكر منها الخبر التالي: قال البغدادي: قال الخلال: وغاب مستملي «أبي الحسن الدارقطني» في بعض مجالسه فاستمليت
¬__________
(¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 559.
(¬2) سورة النجم الآية 32.
(¬3) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35.
(¬4) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 36.