عليه. فروى حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تقول: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى» فقلت: اللهم انك عفو- وخففت الواو- فأنكر ذلك وقال: «عفوّ» بتشديد الواو (¬1).
وقال «الأزهري»: رأيت «محمد بن أبي الفوارس» وقد سأل «أبا الحسن الدارقطني» عن علة حديث فأجابه ثم قال له: «يا أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيري» (¬2).
لقد كانت ثقافة «الدارقطني» متعددة، فكما كان من علماء القراءات والحديث كان من علماء الفقه، وفي هذا يقول البغدادي: وسمعت بعض من يعتني بعلوم القرآن يقول: لم يسبق «أبو الحسن» إلى طريقته التي سلكها في عقد الأبواب المتقدمة في أول القراءات، وصار القراء بعده يسلكون طريقته في تصانيفهم، ويحذون حذوه، ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، فان كتاب السنن الذي صنفه يدل على أنه كان ممن اعتنى بالفقه، لأنه لا يقدر على جمع ما تضمن ذلك الكتاب إلا من تقدمت معرفته بالاختلاف في الأحكام، وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد الاصطخري، وقيل بل درس الفقه على صاحب لأبي سعيد، وكتب الحديث عن أبي سعيد نفسه، ومنها أيضا المعرفة بالأدب والشعر، وقيل: إنه يحفظ دواوين جماعة من الشعراء (¬3).
ثم يقول «البغدادي»: سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري يقول: كان «الدارقطني» أمير المؤمنين في الحديث، وما رأيت حافظا ورد بغداد إلا مضى إليه، وسلم له يعني سلم له التقدمة في الحفظ وعلو المنزلة في العلم، ثم يقول «البغدادي»: حدثني «الصوري» قال: سمعت عبد الغني بن
¬__________
(¬1) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 38.
(¬2) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 39.
(¬3) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35.