سعيد الحافظ «بمصر» يقول: أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثلاثة: علي بن المديني، في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني في وقته. قال «البرقاني»: كنت أسمع عبد الغني بن سعيد الحافظ كثيرا اذا حكى عن «أبي الحسن الدارقطني» شيئا يقول: قال أستاذي:
وسمعت أستاذي، فقلت له في ذلك، فقال: وهل تعلمنا هذين الحرفين من العلم إلا من «أبي الحسن الدارقطني» (¬1).
لقد احتل «الإمام الدارقطني» مكانة سامية ومنزلة رفيعة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه تقديرا لعلمه وخلقه وفضله حول هذه المعاني السامية يقول «البغدادي»: «كان الدارقطني فريد عصره وقريع دهره ونسيجا وحده وإمام وقته، انتهى إليه علم الأثر، والمعرفة بعلل الحديث. وأسماء الرجال، وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة والفقه والعدالة وقبول الشهادة، وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث منها القراءات.
ثم يقول «البغدادي»: وحدثني أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي قال:
سمعت: أبا ذر العروي: يقول: سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ وسئل عن الدارقطني فقال: قال لي «الأزهري»: كان «الدارقطني» ذكيا اذا ذوكر شيئا من العلم أي نوع كان وجد عنده منه نصيب وافر، ولقد حدثني «محمد بن طلحة» أنه حضر مع «أبي الحسن» في دعوة عند بعض الناس ليلة. فجرى شيء من ذكر «الأكلة» فاندفع «أبو الحسن» يورد أخبار «الأكلة» وحكاياتهم ونوادرهم حتى قطع ليلته أو أكثرها بذلك» اهـ (¬2).
توفي «الدارقطني» ثامن ذي القعدة لسنة خمس وثمانين وثلاثمائة وله ثمانون سنة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.
¬__________
(¬1) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 36.
(¬2) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35 - 36.