كتاب مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (اسم الجزء: 1)

ولما كان من "أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة.. بخلاف أهل الأهواء الذين يرون القتال للأئمة من أصول دينهم" (¬1) . نجد من يفسر الجماعة بأنها جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير (¬2) . وبهذا المعنى روى الطبري بسنده أن عمرو بن حريث سأل سعيد بن زيد قال: «فمتى بويع أبو بكر؟ قال: يوم مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة» (¬3) .
ومن أصول أهل السنّة الاعتصام بحبل الله جميعاً، وعدم التفرق والتنازع، وفي المعنى روى البخاري عن عليٍّ (قال: «اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة» (¬4) .
قال ابن حجر (¬5) : قوله «فإني أكره الاختلاف» أي: الذي يؤدي إلى النزاع. قال ابن التين: يعني مخالفة أبي بكر وعمر، وقال غيره: المراد المخالفة التي تؤدي إلى النزاع والفتنة، ويؤيده قوله بعد ذلك «حتى يكون الناس جماعة» (¬6) .
وبهذا المعنى سمي العام الذي تنازل فيه الحسن لمعاوية - رضي الله
¬__________
(¬1) ابن تيمية: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» : ص 20.
(¬2) الشاطبي: «الاعتصام» : (2/264) ، وانظر: الخطابي: «معالم السنن» : (4/311) .
(¬3) «تاريخ الطبري» : (2/447) .
(¬4) «صحيح البخاري» مع «فتح الباري» : (7/71) .
(¬5) أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، أبو الفضل شهاب الدين، ابن حجر، حافظ الإسلام في عصره.. وتصانيفه كثيرة جليلة منها «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» ، و «لسان الميزان» ، و «تهذيب التهذيب» وغيرها. توفي سنة 852هـ وكان مولده سنة 773هـ. انظر «الضوء اللامع» : (2/36) ، «البدر الطالع» : (1/87) ، «الأعلام» : (1/173) .
(¬6) «فتح الباري» : (7/73) .

الصفحة 31