كتاب مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (اسم الجزء: 1)
ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، فلقد كنا نتهارش على هذا الأَمر كما تتهارش الكلاب على الجيف) (¬1) .
يقول - أَحمد الكسروي معقباً على هذا القول -: (ولقد صدق فيما قال؛ فإِن التخاصم لم يكن إِلا لأَجل الأَموال، كان الرجل يجمع المال ويطمع فيه فيدعي البابية لكيلا يسلمه إِلى آخر) (¬2) .
ولقد كانت مسألة "غيبة الإِمام" - وهي من أَركان المذهب الشيعي - من المسائل التي حيرت كثيراً من الشيعة لشكهم في أَمره وطول غيبته، وانقطاع أَخباره.
يقول ابن بابويه القمي: (رجعت إلى نيسابور، وأقمت فيها فوجدت أَكثر المختلفين عليَّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، وقد دخلت عليهم في أَمر القائم عليه السلام الشبهة) (¬3) .
وهذا الشك في أَمر منتظرهم في عصر ابن بابويه (ت 381) ، فكيف يكون الآن بعد مضي هذه القرون الطويلة؟!
ذلك أَن الأَسباب التي يذكرها الشيعة علة لغيبته لا يقتنع بها عاقل؛ فالشيعة يعللون سبب غيبته بأَنه "يخاف القتل" (¬4) ، مع أَنهم يقولون بأَن الأئمة يعلمون متى يموتون ولا يموتون إِلا باختيار منهم (¬5) ، فكيف يحتجب خوفاً وأمر الموت بيده؟!! ثم لماذا لم يقتل
¬__________
(¬1) «الغيبة» الطوسي: ص241.
(¬2) «التشيع والشيعة» : ص 33.
(¬3) «إكمال الدين» : ص 2.
(¬4) الكليني: «الكافي» حيث ذكر عدة أحاديث لهم تفيد ذلك: (1/337، 338، 340) ، وانظر: الطوسي: «الغيبة» : ص 199، وانظر: أَبو طالب التبريزي: «المهدي» : ص 118.
(¬5) هذا من أَبواب «الكافي» : (1/258) - كما مر -.