كتاب إنباء الغمر بأبناء العمر (اسم الجزء: 1)

يفتي في الآخر، ودرس بأماكن، وكان خيراً ديناً له عبادة، وكان يستحضر الحاوي إلى آخر وقت مع الإحسان إلى الطلبة والبر للفقراء والصلة لأقاربه والتقلل في خاصة نفسه والانجماع عن الناس، وجرى على طريقة السلف في شراء الحوائج بنفسه وحملها، مات في جمادى الآخرة عن خمس وخمسين سنة.
محمد بن برقوق بن أنس الأمير ناصر الدين ابن الملك الظاهر، ولد وأبوه أمير فأعطاه أبوه أقطاع بركة بعد مسك بركة وهو ابن شهر واحد، ثم حصل له في رجله داء الخنزير فأعيا الأطباء إلى أن مات في ذي الحجة هذه السنة، وأسف أبوه عليه أسفاً كثيراً.
محمد بن عبد الدائم بن محمد بن سلامة الشاذلي ناصر الدين ابن بنت الميلق، سمع من أحمد بن كشتغدي وأحمد بن محمد الحلبي وغيرهما من أصحاب النجيب وغيره، واعتنى بالعلم وعانى طريق التصوف، وفاق أهل زمانه في حسن الأداء في المواعيد وإنشاء الخطب البليغة، وقال الشعر الرائق، والتفت عليه جماعة من الأمراء والعامة إلى أن ولي القضاء فباشره بمهابة وصرامة، ولم يحمد مع ذلك في ولايته وأهين بعد عزله بمدة رأيته وسمعت كلامه ولم أسمع عليه شيئاً، ومات في أواخر جمادى الأولى أو أول جمادى الآخرة وقد جاوز الستين، قرأت بخط ابن القطان: كان شديد البخل بالوظائف، وكان أيام هو واعظاً خيراً من أيام هو قاضياً، كذا قال، استغفر الله.
محمد بن عبد القادر بن عثمان بن عبد الرحمن بن أحمد الجعفري النابلسي شمس الدين، رعالم أهل نابلس، كان حنبلياً، وقد سمع الحديث من شمس الدين بن يوسف بإجازته من السبط، وسمع من ابن الخباز وغيره، وحدث وأفتى وانتفع به الناس، وكانت له عناية بالحديث ويقظة فيه، مات في شوال، وقد اختلط عقب وفاة ولده شرف الدين.

الصفحة 503