كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 1)

وَفِي وُجُوبِ الدَّمِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْقَارِنِ، أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُوجِبَهُ، وَهُوَ أَحْوَطُ.
وَالثَّانِي: لَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ - فِي الْأَصْلِ - بِحَجَّةٍ وَقَدْ فَسَخَهَا بِعُمْرَةٍ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى أَصْلِنَا، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهُ إِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ بِلَا تَرَدُّدٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ بِلَا نِيَّةِ تَمَتُّعٍ، وَنَقُولُ: إِنَّ نِيَّةَ التَّمَتُّعِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِهِ.

الصفحة 574