كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 1)

وَامْرَأَةٌ لَبَّةٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَيْ قَرِيبَةٌ مِنَ النَّاسِ لَطِيفَةٌ، وَمِنْهُ اللَّبَّةُ وَهِيَ الْمَنْحَرُ، وَاللَّبَبُ وَهُوَ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ مِنَ الصَّدْرِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ مَا يُشَدُّ - أَيْضًا - عَلَى صَدْرِ النَّاقَةِ أَوِ الدَّابَّةِ يَمْنَعُ الرَّحْلَ مِنَ الِاسْتِئْجَارِ. سُمِّي مُقَدَّمُ الْحَيَوَانِ لَبَبًا وَلَبَّةً لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُقْبِلُ بِهِ وَيَتَوَجَّهُ. ثُمَّ قِيلَ: لَبَّبْتُ الرَّجُلَ تَلْبِيبًا إِذَا جَمَعْتَ ثِيَابَهُ عِنْدَ صَدْرِهِ وَنَحْرِهِ فِي الْخُصُومَةِ ثُمَّ جَرَرْتَهُ؛ لِأَنَّ انْقِيَادَهُ وَاسْتِجَابَتَهُ تَكُونُ بِهَذَا الْفِعْلِ، وَقَدْ تَلَبَّبَ إِذَا انْقَادَ.
وَسُمِّيَ الْعَقْلُ لُبًّا: لِأَنَّهُ الَّذِي يَعْلَمُ الْحَقَّ فَيَتْبَعُهُ، فَلَا يَكُونُ لِلرَّجُلِ لُبٌّ حَتَّى يَسْتَجِيبَ لِلْحَقِّ وَيَتَّبِعَهُ، وَإِلَّا فَلَوْ عَرَفَهُ وَعَصَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَا لُبٍّ، وَصَاحِبُهُ لَبِيبٌ.
وَيُقَالُ: بَنَاتُ أَلْبُبٍ: عُرُوقٌ فِي الْقَلْبِ تَكُونُ مِنْهَا الرِّقَّةُ.
وَقِيلَ لِأَعْرَابِيَّةٍ تُعَاقِبُ ابْنًا لَهَا: مَا لَكِ لَا تَدْعِينَ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: تَأْبَى لَهُ ذَلِكَ بَنَاتُ أَلْبُبِي.
وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
إِلَيْكُمْ ذَوِي آلِ النَّبِيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوَازِعُ مِنْ قَلْبٍ ظِمَاءٌ وَأَلْبُبُ

الصفحة 583