كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (اسم الجزء: 1)
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَهَا بِذِكْرِ الرُّكُوبِ، سُئِلَ عَطَاءٌ: أَيَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ يَقُولُ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ؟ قَالَ: يَبْدَأُ بِسُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ - تَعَالَى - وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ مُخْتَصٌّ بِالرُّكُوبِ، فَيَفُوتُ بِفَوَاتِ سَبَبِهِ، بِخِلَافِ التَّلْبِيَةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ سَمِعَ مُؤَذِّنًا كَانَ يَشْتَغِلُ بِإِجَابَتِهِ عَنِ التَّلْبِيَةِ وَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهِمَا.
وَلِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ أَوْكَدُ مِنَ التَّلْبِيَةِ فِيهِ ; لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13].
الصفحة 601
638