كتاب تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 1)

[4] عَن يحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَي بن سعيد بن زُرَارَة وَهِي وَالِدَة أبي الرِّجَال أنصارية مَدَنِيَّة تابعية ثِقَة حجَّة كَانَت فِي حجر عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بن الْمَدِينِيّ هِيَ أحد الثِّقَات الْعلمَاء بعائشة الاثبات فِيهَا عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي الصُّبْح أَن هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة وَاسْمهَا ضمير الشَّأْن مَحْذُوف وَاللَّام فِي ليُصَلِّي هِيَ اللَّام الفارقة الدَّاخِلَة فِي خبر أَن فرقا بَين الخففة والنافية فَيَنْصَرِف النِّسَاء متلفعات قَالَ بن عبد الْبر رِوَايَة يحيى بفاءين وَتَبعهُ جمَاعَة وَرَوَاهُ كثير مِنْهُم بفاء ثمَّ عين مُهْملَة وَعَزاهُ القَاضِي عِيَاض لأكْثر رُوَاة الْمُوَطَّأ قَالَ الْأَصْمَعِي التلفع أَن يشْتَمل بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلل بِهِ جسده وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة اللفاع ثوب يُجَلل بِهِ الْجَسَد كُله كسَاء كَانَ أَو غَيره وتلفع بِالثَّوْبِ إِذا اشْتَمَل بِهِ وَقَالَ عبد الْملك بن حبيب فِي شرح الْمُوَطَّأ التلفع أَن يلقِي الثَّوْب على رَأسه ثمَّ يلتف بِهِ لَا يكون الالتفاع إِلَّا بتغطية الرَّأْس وَقد أَخطَأ من قَالَ الالتفاع مثل الاشتمال وَأما التلفف فَيكون مَعَ تَغْطِيَة الرَّأْس وكشفه وَاسْتدلَّ لذَلِك بقول عبيد بن الأبرص كَيفَ يرجون سقاطي بهَا مَا لفع الرَّأْس مشيب وصلع وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند التلفع بِالثَّوْبِ الاشتمال بِهِ وَقيل الالتحاف مَعَ تَغْطِيَة الرَّأْس بمروطهن جمع مرط بِكَسْر الْمِيم كَمَا فِي الصِّحَاح قَالَ وَهِي أكسية من صوف أَو خَز كَانَ يؤتزر بهَا قَالَ الشَّاعِر كساهم ثوباها وَفِي الدرْع رادة وَفِي المرط لنا وَإِن رد فهما عبل وَقَالَ الرَّافِعِيّ المرط كسَاء من صوف أَو خَز أَو كتَّان عَن الْخَلِيل وَيُقَال هُوَ الْإِزَار وَيُقَال درع الْمَرْأَة وَفِي الحكم المرط هُوَ الثَّوْب الْأَخْضَر وَفِي مجمع الغرائب المروط أكسية من شعر أسود وَعَن الْخَلِيل هِيَ أكسية معلمة وَقَالَ بن الْأَعرَابِي هُوَ الْإِزَار وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل لَا يكون المرط إِلَّا درعا وَهُوَ من خَز أَخْضَر وَلَا يُسمى المرط إِلَّا الْأَخْضَر وَلَا يلْبسهُ إِلَّا النِّسَاء نقل ذَلِك مغلطاي فِي شرح البُخَارِيّ وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْعُمْدَة زَاد بَعضهم فِي صفتهَا أَن تكون مربعة وَقَالَ بَعضهم إِن سداها من شعر وَقَالَ بن حبيب فِي شرح الْمُوَطَّأ المرط كسَاء صوف رَقِيق خَفِيف مربع كَانَ النِّسَاء فِي ذَلِك الزَّمَان يأتزرن بِهِ ويلتففن وَقَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس فِي شرح المعلقات عِنْد قَول امْرِئ الْقَيْس فَقُمْت بهَا أَمْشِي تجر وَرَاءَنَا على أثرينا أذيال مرط مرحل المرط إِزَار خَز معلم مَا يعرفن قَالَ الدَّاودِيّ أَي مَا مَا يعرفن أهن نسَاء أم رجال وَقَالَ غَيره يحْتَمل أَنه لَا يعرف أعيانهن وَإِن عرفن أَنَّهُنَّ نسَاء وَإِن كن متكشفات الْوُجُوه كَذَا حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فَخفف الْجُمْلَة الْأَخِيرَة ثمَّ قَالَ وَهَذَا ضَعِيف لِأَن المتلفعة فِي النَّهَار أَيْضا لَا يعرف عينهَا فَلَا يبْقى فِي الْكَلَام فَائِدَة انْتهى وَمَعَ تَتِمَّة الْكَلَام بِهَذِهِ الْجُمْلَة لَا يَتَأَتَّى هَذَا الِاعْتِرَاض وَقَالَ الْبَاجِيّ هَذَا يدل على انهن كن سافرات إِذْ لَو كن متنقبات لَكَانَ الْمَانِع من معرفتهن تَغْطِيَة الْوَجْه لَا النَّاس وَقَالَ بَعضهم الْمعرفَة إِنَّمَا تتَعَلَّق بالأعيان وَلَو أُرِيد مَا قَالَه الدَّاودِيّ لعبر بِنَفْي الْعلم من هِيَ ابتدائية أَو تعليلية الْغَلَس قَالَ الرَّافِعِيّ هُوَ ظلمَة آخر اللَّيْل وَقيل اخْتِلَاط ضِيَاء الصُّبْح بظلمة اللَّيْل انْتهى وَالْأول هُوَ المجزوم بِهِ فِي الصِّحَاح وَأنْشد عَلَيْهِ قَول الأخطل لدينك عَيْنك أم رَأَيْت بواسط غلس الظلام من الربَاب خيالا وَقَالَ فِي النهاي الْغَلَس ظلمَة آخر اللَّيْل إِذا اخْتلطت بضوء الصَّباح وَقَالَ القَاضِي عِيَاض الْغَلَس بقايا ظلمَة اللَّيْل يخالطها بَيَاض الْفجْر قَالَه الْأَزْهَرِي والخطابي قَالَ الْخطابِيّ والغبش بِالْبَاء والشين الْمُعْجَمَة قيل الغبس بِالسِّين الْمُهْملَة وَبعده الْغَلَس بِاللَّامِ وَهِي كلهَا فِي آخر اللَّيْل وَيكون الغبش أول اللَّيْل فَوَائِد الأول قد يُعَارض هَذَا الحَدِيث مَا أخرجه الشَّيْخَانِ عَن أبي بَرزَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينْصَرف صَلَاة الْغَدَاة حِين يعرف الرجل جليسه وَقَالَ القَاضِي عِيَاض فِي الْجَواب عَنهُ لَعَلَّ هَذَا مَعَ التَّأَمُّل لَهُ أوفى حَال دون حَال وَذَاكَ فِي نسَاء مغطاة الرؤوس بعيدات عَن الرِّجَال الثَّانِيَة قد يُعَارضهُ أَيْضا مَا أخرجه الْأَرْبَعَة وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ عَن رَافع بن خديج قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أسفروا بِالْفَجْرِ فَهُوَ أعظم لِلْأجرِ وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْجَواب عَنهُ قد حمله حاملون على اللَّيَالِي المقمرة فان الصُّبْح لَا يتَبَيَّن فِيهَا فَأمر بِالِاحْتِيَاطِ قَوَّال التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه عقب رِوَايَته الحَدِيث قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق معنى الْأَسْفَار أَن يَصح الْفجْر فَلَا يشك فِيهِ وَلم يرَوا أَن معنى الْأَسْفَار تَأْخِير الصَّلَاة الثَّالِثَة أخرج بن ماجة عَن مغيث بن سمى قَالَ صليت مَعَ عبد الله بن الزبير الصُّبْح بِغَلَس فَلَمَّا سلمت أَقبلت على بن عمر فَقلت مَا هَذِه الصَّلَاة قَالَ هَذِه كَانَت صَلَاتنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر فَلَمَّا طعن عمر أَسْفر بهَا عُثْمَان

الصفحة 18