كتاب تنوير الحوالك شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 1)

[25] عَن بن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قف هَذَا مُرْسل تبين وَصله فَأخْرجهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من طَرِيق بن وهب عَن يُونُس عَن بن شهَاب عَن سعيد بن المسي عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ والقفول الرُّجُوع من السّفر وَلَا يُقَال لمن سَافر مبتدئا قف قَالَ النَّوَوِيّ وَاخْتلفُوا هَل كَانَ هَذَا النّوم مرّة أَو مرَّتَيْنِ قَالَ وَظَاهر الحَدِيث مَرَّتَانِ وَكَذَا رَجحه القَاضِي عِيَاض وَغَيره وَبِذَلِك يجمع بَين مَا فِي الْأَحَادِيث من الْمُغَايرَة من خَيْبَر بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة قَالَ الْبَاجِيّ وَابْن عبد الْبر وَغَيرهمَا هَذَا هُوَ الصَّوَاب وَقَالَ الْأصيلِيّ إِنَّمَا هُوَ من حنين بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا غَرِيب ضَعِيف وَلأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث بن مَسْعُود من الْحُدَيْبِيَة وللطبراني من حَدِيث بن عَمْرو من غَزْوَة تَبُوك وَلَا يجمع إِلَّا بِتَعَدُّد الْقِصَّة أسرى قَالَ فِي النِّهَايَة السرى السّير بِاللَّيْلِ يُقَال سرى يسري سرى وَأسرى يسري اسراء لُغَتَانِ وَلأبي مُصعب أسْرع وَلأَحْمَد من حَدِيث ذِي مخبر زِيَادَة وَكَانَ يفعل ذَلِك لقلَّة الزَّاد فَقَالَ لَهُ قَائِل يَا نَبِي الله انْقَطع النَّاس وَرَاءَك فحبس وَحبس النَّاس مَعَه حَتَّى تكاملوا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُم هَل لكم أَن نهجع هجعة فَنزل ونزلوا حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل فِي حَدِيث بن عَمْرو حَتَّى إِذا كَانَ مَعَ السحر عرس بتَشْديد الرَّاء قَالَ الْخَلِيل وَالْجُمْهُور التَّعْرِيس نزُول الْمُسَافِر آخر اللَّيْل للنوم والاستراحة وَلَا يُسمى نزُول أول اللَّيْل تعريسا كلأ بِالْهَمْز أَي احفظ وارقب قَالَ تَعَالَى قل من يكلؤكم بِاللَّيْلِ أَي يحفظكم والمصدر كلاءة بِفَتْح الْكَاف وَالْمدّ ضربتهم الشَّمْس قَالَ القَاضِي عِيَاض أَي أَصَابَهُم شعاعها وحرها فَفَزعَ قَالَ النَّوَوِيّ أَي انتبه وَقَامَ وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة يُقَال فزع من نَومه أَي هَب وانتبه وَكَأَنَّهُ من الْفَزع الْخَوْف لِأَن الَّذِي ينتبه لَا يَخْلُو من فزع مَا وَقَالَ الْأصيلِيّ فَفَزعَ لأجل عدوهم خوف أَن يكون ابتعهم فيجدهم بِتِلْكَ الْحَال من النّوم وَقَالَ بن عبد الْبر يحْتَمل أَن يكون تأسفا على مَا فاتهم من وَقت الصَّلَاة قَالَ وَفِيه دَلِيل على أَن ذَلِك لم يكن من عَادَتهم مُنْذُ بعث قَالَ وَلَا معنى لقَوْل الْأصيلِيّ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتبعهُ عَدو فِي انْصِرَافه من خَيْبَر وَلَا من حنين وَلَا ذكر ذَلِك أحد من أهل الْمَغَازِي بل انْصَرف من كلا الغزوتين غانما ظَاهرا أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك قَالَ بن رَشِيق أَي إِن الله استولى بقدرته عَليّ كَمَا استولى عَلَيْك مَعَ منزلتك قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد أَن النّوم غلبني كَمَا غلبك وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ قبض نَفسِي الَّذِي قبض نَفسك فالباء زَائِدَة أَي توفاها متوفي نَفسك قَالَ وَهَذَا قَول من جعل النَّفس وَالروح شَيْئا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَالَ فِي الحَدِيث الآخر إِن الله قبض أَرْوَاحنَا فنص على أَن الْمَقْبُوض هُوَ الرّوح وَفِي الْقُرْآن اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ الْآيَة وَمن قَالَ إِن النَّفس غير الرّوح تَأَول أَخذ بنفسي من النّوم الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن قيل كَيفَ نَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَلَاة الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس مَعَ قَوْله إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي فَجَوَابه من وَجْهَيْن أصححهما وأشهرهما أَنه لَا مُنَافَاة بَينهمَا لِأَن الْقلب إِنَّمَا يدْرك الحسيات الْمُتَعَلّقَة بِهِ كالحدث والألم وَنَحْوهمَا وَلَا يدْرك طُلُوع الْفجْر وَغَيره مِمَّا يتَعَلَّق بِالْعينِ وَإِنَّمَا يدْرك ذَلِك بِالْعينِ وَالْعين نَائِمَة وَإِن كَانَ الْقلب يقظان وَالثَّانِي أَنه كَانَ لَهُ حالان أَحدهمَا ينَام فِيهِ الْقلب وصادف هَذَا الْموضع وَالثَّانِي لَا ينَام وَهَذَا هُوَ الْغَالِب من أَحْوَاله قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذَا ضَعِيف وَالصَّحِيح الْمُعْتَمد هُوَ الأول قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَلَا يُقَال الْقلب وَإِن كَانَ لَا يدْرك المرئيات يدْرك إِذا كَانَ يقظان مُرُور الْوَقْت الطَّوِيل لأَنا نقُول كَانَ قلبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ ذَاك مُسْتَغْرقا بِالْوَحْي وَلَا يلْزم مَعَ ذَلِك وَصفه بِالنَّوْمِ كَمَا كَانَ يسْتَغْرق حَالَة إِلْقَاء الْوَحْي فِي الْيَقَظَة وَتَكون الْحِكْمَة فِي ذَلِك بَيَان الشَّرْع بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ أوقع فِي النَّفس كَمَا فِي قصَّة السَّهْو قَالَ وَقَرِيب من هَذَا جَوَاب بن الْمُنْذر أَن الْقلب قد يحصل لَهُ السَّهْو فِي الْيَقَظَة لمصْلحَة التشريع فَفِي النّوم أولى اقتادوا أَي ارتحلوا زَاد مُسلم فَإِن هَذَا منزل حَضَرنَا فِيهِ الشَّيْطَان قَالَ بن رَشِيق قد علله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا هُوَ وَقَالَ القَاضِي عِيَاض هَذَا أظهر الْأَقْوَال فِي تَعْلِيله واقتادوا شَيْئا للطبراني من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن حَتَّى كَانَت الشَّمْس فِي كبد السَّمَاء فَأَقَامَ الصَّلَاة لِأَحْمَد من حَدِيث ذِي مخبر فَأمر بِلَالًا فَأذن ثمَّ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى الرَّكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح وَهُوَ غير عجل ثمَّ أمره فَأَقَامَ الصَّلَاة وَقَالَ القَاضِي عِيَاض أَكثر رُوَاة الْمُوَطَّأ فِي هَذَا الحَدِيث على أَقَامَ بَعضهم قَالَ فَأذن أَو أَقَامَ على الشَّك فصلى بهم الصُّبْح زَاد الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عمرَان فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أنعيدها من الْغَد لوَقْتهَا قَالَ نَهَانَا الله عَن الرِّبَا ويقبله منا وَعَن بن عبد الْبر لَا يَنْهَاكُم الله عَن الرِّبَا ويقبله مِنْكُم ثمَّ قَالَ حِين قضي الصَّلَاة من نسي الصَّلَاة زَاد القعْنبِي أَو نَام عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا وَلأبي يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عبد الْبر من حَدِيث أبي جُحَيْفَة ثمَّ قَالَ إِنَّكُم كُنْتُم أَمْوَاتًا فَرد الله إِلَيْكُم أرواحكم فَمن نَام عَن صَلَاة فليصلها إِذا اسْتَيْقَظَ وَمن نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا وَزَاد الشَّيْخَانِ من حَدِيث أنس لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك وَيُسْتَفَاد من هَذَا سَبَب وُرُود هَذَا الحَدِيث فَإِن من أَنْوَاع عُلُوم الحَدِيث معرفَة أَسبَابه كأسباب نزُول الْقُرْآن وَقد صنف فِيهِ بعض الْمُتَقَدِّمين وَلم نقف عَلَيْهِ وَلَكِن شرعت فِي جمع كتاب لطيف فِي ذَلِك فَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه أقِم الصَّلاةَ لِذِكْرِي قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ بَعضهم فِيهِ تَنْبِيه على ثُبُوت هَذَا الحكم وَأَخذه من الْآيَة الَّتِي تَضَمَّنت الْأَمر لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأَنه مِمَّا يلْزمنَا اتِّبَاعه وَقَالَ غَيره اسْتشْكل وَجه أَخذ الحكم من الْآيَة فَإِن معنى لذكري إِمَّا لتذكرني فِيهَا وَإِمَّا لأَذْكُرك عَلَيْهَا على اخْتِلَاف الْقَوْلَيْنِ فِي تَأْوِيلهَا وعَلى كلا فَلَا يعْطى ذَلِك قَالَ بن جرير وَلَو كَانَ المُرَاد حِين تذكرها لَكَانَ التَّنْزِيل لذكرها وَأَصَح مَا أُجِيب بِهِ أَن الحَدِيث فِيهِ تَغْيِير من الرَّاوِي وَإِنَّمَا هُوَ للذِّكْرَى بلام التَّعْرِيف وَألف الْقصر كَمَا فِي سنَن أبي دَاوُد وَفِيه وَفِي مُسلم زِيَادَة وَكَانَ بن شهَاب يقْرؤهَا للذِّكْرَى فَبَان بِهَذَا أَن استدلاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا كَانَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَة فَإِن مَعْنَاهَا للتذكر أَي لوقت التَّذَكُّر قَالَ القَاضِي عِيَاض وَذَلِكَ هُوَ الْمُنَاسب لسياق الحَدِيث وَعرف أَن التَّغْيِير صدر من الروَاة عَن مَالك أَو من دونهم لَا عَن مَالك وَلَا مِمَّن فَوْقه قَالَ فِي الصِّحَاح لذكري نقيض النسْيَان

الصفحة 27