كتاب شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر (اسم الجزء: 1)

أو بلد مثلا (أسد) خبر المبتدإ، أي أكثر سَدَاداً بالفتح وهو الصواب، ومعنى البيت: أن التوقف عن الحكم لأي متن كان أو أي سند بكونه أصح على الإطلاق هو الصواب والمختار من أقوال المحدثين، وذلك لأن تفاوت مراتب الصحة مرتب على تمكن الإسناد من شروط الصحة. وَيعِزُّ وجود أعلى درجات القبول في كل واحد من رجال الإسناد الكائنين في ترجمة واحدة، ولهذا اضطرب من خاض في ذلك إذ لم يكن عندهم استقراء تام وإنما رجح كل منهم بحسب ما قَوِيَ عنده خصوصاً إسناد بلده لكثرة اعتنائه به، وخلاف الصواب ما ذكره بقوله:

21 - وآخَرُونَ حَكَمُوا فاضْطَرَبُوا ... لِفَوقِ عَشْرٍ ضُمِّنَتْهَا الْكُتُبُ

(وآخرون) مبتدأ خبره قوله حكموا أي جماعة من المحدثين غيرُ من توقف عن الحكم (حكموا) بالأصحية على الإطلاق على بعض الأسانيد (فاضطربوا) أي اختلفوا في التعيين لاختلاف أنظارهم لأنه لم يكن عندهم الاستقراء التام وإنما رجح كل منهم بحسب ما قوي عنده وقوله: (لِفَوقِ عَشْرٍ) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعتٍ لمصدر محذوف أي اضطراباً منتهياً لفوق عشر، أو حالٍ منه أي حال كون الاضطراب منتهياً إلى فوق عشر، أو متعلق بفعل محذوف معطوف على الفعل أي وانتهت أقوالهم لفوق عشر من الأقوال. وقوله: (ضمنتها الكتب) فعل ونائب فاعل صفة لفوق عشر، أي جُعِلَت الكتب محتوية عليها يقال: ضمنت الشيء كذا جعلته محتوياً عليه فتضمنه، أي فاشتمل عليه، واحتوى.
ثم شرع الناظم يعدد بعض تلك الأقوال بقوله:

22 - فَمَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ سَيِّدِهْ ... وَزِيدَ مَا لِلشَّافِعِيْ فَأَحْمَدِهْ

الفاء فصيحية أي إذا أردت أن تعرف بعض تلك الأقوال فأقول لك: أصح الأسانيد مطلقاً (مالك) بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي أبو عبد الله المدني، إمام دار الهجرة، أحد الأئمة

الصفحة 22