كتاب شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر (اسم الجزء: 1)

(أو كذب الحديث) بالجر عطفاً على فسقه أي من يتب عن الكذب في الحديث النبوي مطلقاً في الفضائل أو الأحكام أو غيرهما بأن وضع أو ركب سنداً صحيحاً لمتن ضعيف، ونحو ذلك، ولو مرة واحدة.
وقيد بالكذب في الحديث النبوي احترازاً عن الكذب في حديث الناس فإنه داخل في المسألة السابقة فيقبل إذا تاب توبة صحيحة.
وقوله (فابن حنبل) مبتدأ خبره جملة أبوا، وجملة المبتدإ والخبر معطوفة على الجواب، وفيه العطف على معمولي عاملين مختلفين، وفيه الخلاف المشهور.
وحاصل المعنى: أن من تاب عن الكذب في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل (و) العلامة أبو بكر محمد بن عبد الله (الصيرفي) بفتح الصاد وسكون الياء وفتح الراء نسبة إلى بيع الذهب، كان رحمه الله فَهِماً عالماً سمع الحديث من أحمد بن المنصور الرمادي وغيره، وروى عنه القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي بمصر توفي في ربيع الآخر سنة 330 هـ.
(و) الحافظ البارع أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى (الحميدي) بضم ففتح نسبة إلى حميد بطن من أسد القرشي صاحب الشافعي، روى عن ابن عيينة وفضيل بن عياض، وروى عنه البخاري، وهو أول من بدأ به الصَّحِيح مات بمكة سنة 219 هـ.
(أبوا) أي امتنعوا (قبوله) أي عن قبول روايته (مؤبَّداً) حال من الإباء المفهوم من أبوا أي حال كون الإباء مؤبدا، أي ولو تاب وحسنت توبته.
يعني: أن هؤلاء الثلاثة أبوا قبول روايته ولو حسنت توبته تغليظاً عليه لما ينشأ من صنيعه من مفسدة عظيمة فإنه يصير شرعاً مستمراً إلى يوم القيامة بخلاف الكذب على غيره - صلى الله عليه وسلم - فإن مفسدته قاصرة ليست عامة.
(ثم) إنهم بعد ما أبوا قبوله وإن تاب (نأوا) أي ابتعدوا أيضاً (عن) قبول (كل ما) أي الحديث الذي (من قبل ذا) أي كذبه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

الصفحة 346