كتاب شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر (اسم الجزء: 1)
(وجاز أن) مصدرية (يروى) الراوي (عن ممليه) أي الشيخ الذي أملى الحديث عليه (ما) مفعول يروى (بَلَّغ) بتشديد اللام (السامع) مفعول مقدم على الفاعل (مستمليه) فاعل مؤخر لبلغ.
ومعنى البيت أنه إذا عظم مجلس الإملاء فاتخذ الشيخ مستملياً يبلغ عنه فمن سمع من المستملى حديثاً جاز أن يروى ذلك الحديث عن المملي عند جماعة من المتقدمين وغيرهم كما أشار إليه بقوله (للأقدمين) متعلق بجاز (وعليه العمل) مبتدأ وخبر، أي على هذا المذهب جرى عمل أكابر المحدثين الذين كان يَعظُمُ الجمع في مجالسهم جِدًّا ويجتمع فيها الفئام من النَّاس بحيث يبلغ عددهم ألوفاً مؤلفة فإنه يُبلِّغ عنهم المستملي ثم يروي عنهم من سمع منه (و) أبو عَمْرو عثمان (ابن الصلاح) مبتدأ خبره جملة (قال هذا يحظل) بالبناء للمفعول أي الذي ذكر من جواز رواية من سمع من المستملي عن المملي ممنوع لما فيه من التساهل.
وحاصل المسألة: أنه إذا عظم المجلس فاتخذ المحدث مستملياً فبلغ عنه فهل من سمع من ذلك المستملي يروي عن المملي ويقول حدثنا فلان يعني المملى أم لا؟ فيه قولان:
الأول: ذهب جمع من المتقدمين وغيرهم إلى جوازه منهم ابن عيينة وإبراهيم النخعي وحماد بن زيد، وقال العراقي وهو الذي جرى عليه العمل لأن المستملي في حكم القارئ على المملي. ويعرض حديثه عليه. ولكن يشترط أن يسمع الشيخ المملي لفظ المستملي كالقارئ عليه، والأحوط أن يبين حالة الأداء أن سماعه لذلك أو لبعض الألفاظ من المستملي كما فعله ابن خزيمة وغيره بأن يقول: أنا بتبليغ فلان.
وقد ثبت في الصَّحِيحين عن جابر بن سمرة سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يكون اثنا عشر أميراً " فقال كلمة لم أسمعها فسألت أبي فقال: " كلهم من قريش " وقد أخرجه مسلم عنه كاملًا من غير أن يفصل جابر الكلمة التي استفهمها من أبيه ذكره في التدريب.