كتاب شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر (اسم الجزء: 1)

وفيما أجازه بلفظه شفاهاً أخبرنا فلان مشافهة، أو شافهني، وحُكِيَ الشق الأول عن أبي نعيم كان يقول في الإجازة حدثني فلان في كتابه،
أخبرنا فلان في كتابه ونحو ذلك، وهذا الاستعمال كثير بين المتأخرين من بعد الخمسمائة، وهَلمَّ جَرَّا، قاله السخاوي.
وهذا الاستعمال ينبغي اجتنابه حذراً من الإيهام إدْ لا يسلم مَنِ استعملها من الإيهام وطَرَف من التدليس، أما المشافهة فتوهم مشافهة بالتحديث، وأما الكتابة فتوهم أنه كتب إليه بذلك الحديث بعينه، كما كان يفعله المتقدمون قاله العراقي.
لكن بعد أن صار اصطلاحاً ارتفع هذا الإيهام بسبب العرف الخاص أفاده الناظم. وقال الإمام الفقيه الحافظ المجتهد تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المنفلوطي، صاحب التصانيف، الشهير بابن دقيق العيد، وُلدَ في شعبان سنة 625 ومات في صفر سنة 702 هـ (فى) كتابه المسمى بـ (الاقتراح)، في بيان الاصطلاح، ومعنى الافتراح في الأصل: مصدر اقترح الشيء ابتدعه من غير مثال سبق، ومعناه هنا: أن هذا المؤلف مقترح أي لا نظير له في بابه فقوله في الاقتراح متعلق بقال كما قدرناه وجملة لا يمتنع أخبر مقول له (مطلقاً) حال مقدم من أخبر أي حال كونه غير مقيد بشيء مما تقدم (لا يمتنع أخبر) جملة من فعل وفاعل، فأخبر فاعل، محكي لقصد لفظه، أي إطلاق لفظ أخبرنا، أو أخبرني (إن) كان الراوي (إسناد جزء) مفعول مقدم لقوله: (قد سمع) من الشيخ.
وحاصل معنى البيت: أن الإمام أبا الفتح ابن دقيق العيد، قال في كتابه الاقتراح: لا يمتنع إطلاق أخبرنا وأخبرني غير مقيد إن سمع من الشيخ الإسناد وناوله الكتاب، لأنه أخبره بالكتاب وإن كان جُمْلِيًّا فلا فرق بينه وبين التفصيل اهـ.
ثم إن المتأخرين استحسنوا فيما إذا شك في سماع شيخه من شيخه مع تحقق إجازته استعمال عن وأن وكذا في الإجازة وإليه أشار بقوله:

الصفحة 432