كتاب شرح الأثيوبي على ألفية السيوطي في الحديث = إسعاف ذوي الوطر بشرح نظم الدرر في علم الأثر (اسم الجزء: 1)

تلك الحواشي بخط شخص وليست له، أو بعضها له، وبعضها لغيره، فَيَشْتَبِهُ ذلك على ناقله بحيث يعزو الكل لواحد اهـ.
ثم إِنَّ المروي بالوجادة المجردة منقطع سواء، وثقت بكونه خطه، أم لا؟ وإليه أشار بقوله: (وكله منقطع) مبتدأ وخبر، أي كل ما روي بالوجادة، سواء وثق بكونه خطه أم لا من باب المنقطع والمرسل، قال بعضهم: عَدُّه من التعليق أولى من المنقطع والمرسل اهـ.
لكن الأول، أعني الذي وثق بأنه خطه فيه شوب اتصال لزيادة القوة بالوثوق بالخط. ولما تساهَلَ جماعةٌ في إيراد ذلك بعن ونحوها، أشار إليه بقوله: (ومن) شرطية (أتى) في ذلك متساهلًا (بـ) ـصيغة (عن) أو نحوها، كقال، مكان وجدتُّ، وقوله: (يدلس) جوابُ مَنْ، مجزوم وإن كان الأحسن رفعَهُ لكون فعل الشرط ماضياً، يعني: أن من أدى ما وجده بخط شخص بصيغة عن، ونحوها فهو مدلس تدليساً قبيحاً، إذا كان بحيث يوهم سماعه منه، (أو) أتى مجازفاً (بأخبر) بسكون الراء للإدغام الكبير في راء ردتا، أي بقوله: أخبرنا فلان، لِمَا وجده بخطه، ومثله حدثنا، وقوله: (رُدَّتَا) بالبناء للمفعول، وتاء التأنيث المتحركة لِلرَّوِيّ، والألف للإطلاق، أي ترد روايته، وقال المحقق ابن شاكرٍ: " تا " اسم إشارة، وعليه، فقوله: رُدَّ فعل أمر، واسم الإشارة مفعوله، والأول أوضح، وقوله: أو بأخبر عطف على قوله: بعن، وقوله: ردت: عطف على يدلس، وفيه العطف على معمولي عاملين مختلفين، وفيه الخلاف المشهور.
وحاصل المعنى: أنه تساهل قوم فأتوا بلفظة قال، ونحوها مكان الوجادة، وهو تدليس قبيح إذا كان يوهم سماعه بأن تعاصرا.
وذكر السخاوي من هذا النوع بهز بن حكيم، والحسن البصري، والحكم، وأبا سفيان طلحة بن نافع، وغيرهم، وجازف قوم فقالوا: أخبرنا فلان، وحدثنا فلان في الوجادة أيضاً، فردت روايتهم.

الصفحة 443