كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

لهم، ورعية تنفذ فيها أحكامهم، ويجبى إليهم خراجها.
ومكثوا على ذلك ظاهرين، قاهرين لما سواهم من الأمم، حتى وقع فيهم ما وقع في بني إسرائيل، من الخروج عن اتباع الأنبياء، وترك سياستهم، والانهماك في أهوائهم وشهواتهم، فجاء الخلل، وسلط العدو، وتشتت الناس، وتفرقت الكلمة، وصارت الدولة الإسلامية يسوسها في كثير من البلاد، في أوقات كثير من الملوك: أهل النفاق، والزندقة، والكفر، والإلحاد، والذين لا يبالون بسياسات الأنبياء، وما جاؤوا به من عند الله، وربما قصدوا معاكستهم ; فذهب الملك بذلك، وضاعت الأمانة، وفشا الظلم والخيانة، وصار بأسهم بينهم، وسلط عليهم العدو، وأخذ كثيرا من البلاد، ولم يقنع منهم إبليس عدو الله بهذا، حتى أوقع كثيرا منهم في البدع والشرك، وسعى في محو الإسلام بالكلية.
وكلما بعد عهد الناس بالعلم وآثار الرسالة، ونقص تمسكهم بعهود أنبيائهم، تمكن الشيطان من مراده في أديانهم ونحلهم واعتقاداتهم، ولكن من رحمة الله ومنته أن جعل في هذه الأمة بقية، وطائفة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. وكلما حصل لهذه الطائفة قوة وسلطان، في جهة، أو بلد، حصل من الملك والعز والظهور لهم، بقدر تمسكهم بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

الصفحة 464