كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

الثلاثة، ولذلك، لا يشهدون لمعين من أهل القبلة بجنة ولا نار، وإن أطلقوا الوعيد كما أطلقه القرآن والسنة، فهم يفرقون بين العام المطلق، والخاص المقيد; وكان عبد الله حمار1 يشرب الخمر، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعنه رجل، وقال: ما أكثر ما يؤتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله " مع أنه لعن الخمر، وشاربها، وبائعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه.
وتأمل قصة حاطب بن أبي بلتعة، وما فيها من الفوائد، فإنه هاجر إلى الله ورسوله، وجاهد في سبيله، لكن حدث منه أنه كتب بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين من أهل مكة، يخبرهم بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسيره لجهادهم، ليتخذ بذلك يدا عندهم، تحمي أهله وماله بمكة، فنَزل الوحي بخبره، وكان قد أعطى الكتاب ظعينة جعلته في شعرها، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير في طلب الظعينة، وأخبرهما أنهما يجدانها في روضة خاخ، فكان ذلك، وتهدداها، حتى أخرجت الكتاب من ضفائرها، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
" فدعا حاطب بن أبي بلتعة، فقال له: ما هذا؟ فقال: يا رسول الله، إني لم أكفر بعد إيماني، ولم أفعل هذا
__________
1 حمار: لقب له, وهو: صحابي جليل.

الصفحة 472