كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

كاملي الإيمان; فأولئك غلوا، وهؤلاء جفوا; وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى، والقول الوسط، الذي هو في المذاهب، كالإسلام في الملل; فها هنا كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك، وظلم دون ظلم; فعن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قال: " ليس هو الكفر الذي تذهبون إليه " رواه عنه سفيان، وعبد الرزاق; وفي رواية أخرى: كفر لا ينقل عن الملة; " وعن عطاء: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق ".
وهذا بين في القرآن، لمن تأمله; فإن الله سبحانه سمى الحاكم بغير ما أنزل الله كافرا، وسمى الجاحد لما أنزل الله على رسوله كافرا، وليس الكفران على حد سواء؛ وسمى الكافر ظالما، في قوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة البقرة آية: 254] ، وسمى من يتعدى حدوده، في النكاح، والطلاق، والرجعة، والخلع، ظالما، وقال: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [سورة الطلاق آية: 1] ، وقال يونس عليه السلام: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [سورة الأنبياء آية: 87] ، وقال آدم عليه السلام: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [سورة الأعراف آية: 23] وقال موسى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [سورة النمل آية: 44] ، وليس هذا الظلم، مثل ذلك الظلم; وسمى الكافر فاسقا، في قوله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} [سورة البقرة آية: 26] ، وقوله: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ} [سورة البقرة آية: 99] وسمى

الصفحة 482