كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

موضع، أوجب لهم تعالى به الدرك الأسفل من النار; والنفاق العملي، جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، وإذا أؤتمن خان " 1، وكقوله صلى الله عليه وسلم " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان " 2 قال بعض الأفاضل: وهذا النفاق قد يجتمع مع أصل الإسلام، ولكن إذا استحكم وكمل، فقد ينسلخ صاحبه من الإسلام بالكلية، وإن صلى وصام، وزعم أنه مسلم; فإن الإيمان ينهى عن هذه الخلال، فإذا كملت للعبد، ولم يكن له ما ينهاه عن شيء منها، فهذا لا يكون إلا منافقا خالصا، انتهى.
الأصل الخامس: أنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد، أن يسمى مؤمنا، ولا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر، أن يسمى كافرا، وإن كان ما قام به كفر، كما أنه لا يلزم من قيام جزء من أجزاء العلم، أو من أجزاء الطب، أو من أجزاء الفقه، أن يسمى عالما، أو طبيبا، أو فقيها; وأما الشعبة نفسها، فيطلق عليها اسم الكفر، كما في الحديث: " اثنتان في أمتي هما بهم كفر، الطعن في النسب، والنياحة على الميت " 3، وحديث: " من حلف بغير الله فقد كفر " 4، ولكنه لا يستحق اسم الكفر على الإطلاق.
فمن عرف هذا، عرف فقه السلف، وعمق علومهم،
__________
1 البخاري: الإيمان (34) , ومسلم: الإيمان (58) , والترمذي: الإيمان (2632) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (5020) , وأبو داود: السنة (4688) , وأحمد (2/189 ,2/198) .
2 البخاري: الإيمان (33) , ومسلم: الإيمان (59) , والترمذي: الإيمان (2631) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (5021) , وأحمد (2/357) .
3 مسلم: الإيمان (67) , وأحمد (2/377 ,2/441 ,2/496) .
4 الترمذي: النذور والأيمان (1535) , وأحمد (2/125) .

الصفحة 484