كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

الوحي ثلاثا وعشرين سنة، منها نصف سنة في أول الأمر يوحى إليه في منامه، ونسبة الستة الأشهر لبقية مدة الوحي جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة; وسئل بعض أهل العلم عن هذا الحديث، قال: معناه أن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة، لا أنها جزء من باقي النبوة، وقال بعضهم: إنها جزء من أجزاء علم النبوة، وعلم النبوة باق، والنبوة غير باقية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات، وهي: الرؤيا الصالحة، يراها المسلم، أو ترى له.
وعندي: أن النبوة - التي هي الوحي بشرائع الأنبياء - عبارة عن نبأ، أو شأن عظيم في القوة وإفادة اليقين; والرؤيا الصالحة - التي هي من أقسام الوحي - جزء باعتبار القوة، وإفادة العلم، من ستة وأربعين جزءا، ولا يقتضي هذا تجزؤ النبوة، وأنها مكتسبة، ولا إطلاق اسم النبوة على هذا الجزء، لأن المسمى هو الكل المستجمع لجميع الأجزاء، فلا محذور، ويمكن أن يقال هذا فيما تقدم، من قوله: " الهدى الصالح، والسمت الحسن، والاقتصاد، جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " 1 هذا ما ظهر لي، والله أعلم.
(الفرق بين الفلاسفة الإلهيين والمشائين)
وسئل: عن الفرق بين الفلاسفة الإلهيين، والمشائين:
فأجاب: أما الفرق بين الفلاسفة الإلهيين والفلاسفة المشائين، فذكر شارح رسالة ابن زيدون، أن المشائين: أفلاطون، ومن اتبعه; وأنهم أول من قال بالطبائع، وتكلم
__________
1 أبو داود: الأدب (4776) , وأحمد (1/296) .

الصفحة 499