كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

وأحكم، لأنهم يظنون أن السلف بمنْزلة الأميين الذين لم يتفطنوا لدقيق العلم الإلهي، ولم يعرفوا حقيقة ما يعتقدونه في ربهم ومعبودهم، وأن الخلف حازوا قصب السبق في ذلك!
قالوا لنا: والإشارة بالخلف، في قولهم: الخلف أعلم، إلى طائفة من أهل الكلام، الذين اعترفوا على أنفسهم بالحيرة، وذم ما هم عليه من الخوض في الجواهر والأعراض، قالوا: ومن أشهر مشائخهم: أبو المعالي الجويني; وهو القائل: لقد خضت البحر الخضم، وتركت أهل الإسلام وعلومهم، والآن إن لم يتداركني الله برحمته، فالويل لابن الجويني; قال: وها أنا أموت على عقيدة أمي.
قال بعض السلف: أكثر الناس شكا عند الموت أصحاب الكلام; وأنت خبير بأن من ترك مذهب السلف، وأخذ بمذهب الخلف، إنما يحمله على ذلك شبه أهل الكلام، وأقيستهم، أو تقليدهم، ولم يترك مذهب السلف لدليل من كتاب، أو سنة.
ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته، حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا سبحانه وتعالى، إلا على ذلك; وإنما يوجه كلام الله تعالى على الأشهر والأظهر من وجوهه، ما لم يمنع ذلك ما يجب له التسليم، قال تعالى: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ}

الصفحة 506