كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

وسيعود غريبا كما بدأ " 1. وأي اغتراب أعظم من هذا الاغتراب؟!
قال صاحب التحفة، رحمه الله: فالمؤمنون وسط في أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين، لم يغلوا فيهم كما غلت النصارى، فـ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة التوبة آية: 31] ، ولا جفوا كما جفت اليهود، فكانوا: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [سورة آل عمران آية: 21] ، بل آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} [سورة الأعراف آية: 157] ، ولم يتخذوا الأنبياء أربابا، كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران آية: 79-80] ، وقال عيسى عليه السلام: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [سورة المائدة آية: 117] .
قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد، ويعلمه أمته، حتى إنه قال له رجل: ما شاء الله، وشئت، قال: " أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده " 2، وقال: " لا تقولوا: ما شاء الله، وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد "
__________
1 مسلم: الإيمان (145) , وابن ماجه: الفتن (3986) , وأحمد (2/389) .
2 أحمد (1/283) .

الصفحة 537