كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

لعن من جصص القبور، ولعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج; هذه السنة تنادي بلعنهم، أتظن هذا الإجماع يعتد به؟ هذا والله كإجماع الناس على عبادة القبور في زمن الفترة.
ويشهد لما قلنا: قوله صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة " 1، وفي بعض طرقه: " حتى لو كان فيهم من يأتي أمه علانية، لكان فيكم من يفعل ذلك " 2، وفي قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: " إن من كان قبلكم، كانوا يتخذون القبور مساجد " 3 إيماء إلى هذا المعنى.
وقد أخبر أن علماء بني إسرائيل كتموا العلم، وسيقع كتمان العلم في هذه الأمة، ولو كان مساعدة العلماء في بعض الأمور دليلا، لكان المأمون وأتباعه من علماء وقته، الذين لهم من العلم ما ليس لغيرهم، مصيبين، لأنهم صنفوا فيها المصنفات، ودعوا الناس إليها، ولم يكن على الحق، إلا الإمام أحمد، وقلائل من الناس من أهل السنة، خائفين مستخفين; أتظن أن السواد الأعظم الكثرة في ذلك؟ بل: السواد الأعظم، والله، الإمام أحمد، ومحمد بن نصر الخزاعي، ومن وافقهما.
ولو استدل مستدل، في وقتهم، بعموم ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالسواد الأعظم " 4 لهلك; لأن السواد الأعظم: أهل الحق، وإن قلوا. قال صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتي على
__________
1 البخاري: أحاديث الأنبياء (3456) , ومسلم: العلم (2669) , وأحمد (3/84 ,3/89) .
2 الترمذي: الإيمان (2641) .
3 مسلم: المساجد ومواضع الصلاة (532) .
4 ابن ماجه: الفتن (3950) .

الصفحة 540