كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، إلى يوم القيامة " 1، قال: الفضيل بن عياض، رحمه الله: لا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين، ولا تستوحش من الحق لقلة السالكين.
إذا تقرر هذا، فقد عرفت - سلمك الله - كلام الناس في مسألة سؤال الله بالمخلوق، والإقسام على الله به، وقد ذاكرتك فيها بأن الذي نعتقده: أنا لا نكفر بها أحدا، بل نقول: هي بدعة شنيعة، نهى عنها السلف، وقد قال مالك رضي الله عنه: " لن يصلح آخر هذه الأمة، إلا ما أصلح أولها"، وقوله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " 2. وإن لم يكن هذا من الشرك، فهو وسيلة إليه، لا بد أن يقوم بقلب صاحبه شيء من الاعتماد.
ولكن بقي مسألة، وهي التي لا حجة للمخالف فيها أصلا، وهي إسناد الخطاب إلى غير الله، في شيء من الأمور، بياء النداء، إذا كان يشتمل على رغبة، أو رهبة; فهذا هو الدعاء الذي صرفه لغير الله شرك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدعاء مخ العبادة " 3، وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [سورة الرعد آية: 14] ، وقال تعالى: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} [سورة الشعراء آية: 213] ، وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [سورة غافر آية: 60] .
ومن الدليل على أن النداء المتضمن لما ذكرنا، عين
__________
1 البخاري: المناقب (3641) , ومسلم: الإمارة (1037) .
2 الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2518) , والنسائي: الأشربة (5711) , وأحمد (1/200) , والدارمي: البيوع (2532) .
3 الترمذي: الدعوات (3371) .

الصفحة 541