كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

الدعاء بلا شك، قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [سورة الانبياء آية: 83] وقال: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [سورة آل عمران آية: 38] ، وقال: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [سورة آية: 3] إلى قوله: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً} [سورة مريم آية: 4] : فسمى النداء المتقدم في هذه الآيات، دعاء، والدعاء ممنوع لأنه عبادة، وهذا لا محيد عنه، قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [سورة المؤمنون آية: 117] .
وأما النداء المجرد، الخالي من رغبة ورهبة، فليس هو محل النّزاع; وإن كان أهل الشبه يروجون به، ويغالطون به، وما كان نداء زكريا به، مثل نداء الله لموسى، في قوله: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} [سورة مريم آية: 52] . ومن قال: إن ندائي الرسول صلى الله عليه وسلم وقولي: يا رسول الله، خال، مجرد، حكمه حكم قولي: يا فلان أقبل، أو يا فلان: اخرج، فقد كذب; فإذا لم يكن كذلك، فهو حقيقة الدعاء، لأن دعاء الرهبة والرغبة ممنوع; وبالنهي عنه مقطوع، قال الله تعالى: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [سورة التوبة آية: 59] . وقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ} [سورة النور آية: 52] الآية.
فجعل الطاعة للرسول، دون الخشية والتقوى، وجعل

الصفحة 542