كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

عمران آية: 185] ، {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [سورة الزمر آية: 30] .
أثبت سبحانه للشهداء موتا، بدخولهم في العموم، كالأنبياء، وهو الموت المشاهد، ونفى عنهم موتا؛ فالموت المثبت غير الموت المنفي; فالموت المثبت هو: فراق الروح الجسد، وهو مشاهد محسوس; والمنفي: زوال الحياة بالجملة من الروح والبدن; وقال البيضاوي، على قوله سبحانه: {بَلْ أَحْيَاءٌ} : فيه تنبيه على أن حياتهم ليست بالجسد، ولا بجنس ما يحس به من الحيوانات، وإنما هي أمر لا يدرك بالعقل، بل بالوحي، انتهى.
وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين، رحمه الله، في رده على العراقي: ويدل على بطلان دعوى من ادعى: أن النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره كحياته لما كان على وجه الأرض، ما رواه أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يسلم عليّ إلا رد الله علي روحي، حتى أرد عليه السلام "1، فهذا يدل على أن روحه الشريفة، ليست في بدنه، وإنما هي في أعلى عليين، ولها اتصال بالجسد، والله أعلم بحقيقته، لا يدركه الحس، ولا العقل.
وليس ذلك خاصا به صلى الله عليه وسلم لحديث تقدم عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يمر بقبر أخيه، كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه، إلا رد الله عليه روحه، حتى يرد عليه السلام ". وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم: " إن أرواح الشهداء في حواصل
__________
1 أبو داود: المناسك (2041) , وأحمد (2/527) .

الصفحة 545