كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

يجري عليهم من نعيم الآخرة، ما يلتذون به مما هو ليس من عمل التكليف.
ومعاذ الله: أن نعارض نص رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " 1 إلخ، والحديث عام، لأن المقصود به: جنس بني آدم، لأن المفرد يعم، كما هو مقرر في محاله; ألم يعلم المسكين أن البرزخ طور ثان، وله حكم ثان؟ إذ لو كان صلى الله عليه وسلم بهذه المثابة، أنه يلاقي الأولياء والأفاضل، كما زعم بعض المصنفين، لبطل حكم الاجتهاد بعده، ولم يتراجع الصحابة رضوان الله عليهم بعده مسائل طال فيها نزاعهم إلى زمننا هذا.
إذا تحققت هذه الإشارة، وتأملتها، فلا بد أن أنقل لك كلام ابن تيمية، قدس الله روحه، في أحاديث السؤال.
قال ابن تيمية رحمه الله: أما رؤيا موسى في الطواف، فهذا كان رؤيا منام، لم يكن ليلة المعراج، كذلك جاء مفسرا، كما رأى المسيح أيضا، ورأى الدجال; أما رؤيته، ورؤية غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء، لما رأى آدم في السماء الدنيا، ورأى يحيى، وعيسى; فهذا رأى أرواحهم مصورة في صورة أبدانهم; وقد قال بعض الناس: لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور; وهذا ليس بشيء، لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده، وكذلك إدريس.
__________
1 مسلم: الوصية (1631) , والترمذي: الأحكام (1376) , والنسائي: الوصايا (3651) , وأبو داود: الوصايا (2880) , وأحمد (2/372) , والدارمي: المقدمة (559) .

الصفحة 549