كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

وأما كونه رأى موسى يصلي في قبره، ورآه في السماء أيضا، فهذان لا منافاة بينهما، فإن أمر الأرواح من جنس أمر الملائكة، في اللحظة الواحدة: تصعد، وتهبط، كالملك، ليست كالبدن; وقد بسطت الكلام في أمر الأرواح بعد مفارقة الأبدان، وذكرت الأحاديث والآثار في ذلك، بما هذا ملخصه.
وهذه الصلاة مما يتنعم بها الميت، ويستمتع بها، كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح; فإنهم يلهمون التسبيح كما يلهم الناس النفس في الدنيا، فهذا ليس من عمل التكليف الذي يطلب به ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل هو من النعيم الذي تتنعم به النفس، وتلتذ به. انتهى كلامه.
فعلم من كلامه: أن أرواحهم صورت في صور أبدانهم التي في القبور، فاجتمعت النصوص، وزال الإشكال، والله أعلم.
(حكم من أمر بأن يذر في البحر)
وسئل: رحمه الله عن الذي أمر بأن يذر في البحر ... إلخ.
فأجاب: الذي أمر بأن يذر في البحر خوفا من الله، لم يكن شاكا في القدرة، وإنما ظن أن جمعه بعد ذلك من قبيل المحال، الذي ما من شأن القدرة أن تتعلق به، وهذا باب واسع، والله أعلم.

الصفحة 550