كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 1)

السلف، الذين كانوا يستثنون، وإن جوزوا ترك الاستثناء بمعنى آخر.
وروى الخلال، عن أبي طالب قال: سمعت أبا عبد الله، يقول: لا نجد بدا من الاستثناء، لأنهم إذا قالوا مؤمن، فقد جاؤوا بالقول، فإنما الاستثناء بالعمل، لا بالقول; وعن إسحاق بن إبراهيم، قال: سمعت أبا عبد الله، يقول: أذهب إلى حديث ابن مسعود في الاستثناء في الإيمان; لأن الإيمان قول وعمل، والعمل الفعل، فقد جئنا بالقول، ونخشى أن نكون فرطنا في العمل، فيعجبني أن يستثني في الإيمان، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله; ومثل هذا كثير من كلام أحمد، وأمثاله.
وهذا مطابق لما تقدم، من أن المؤمن المطلق هو القائم بالواجبات، المستحق للجنة، إذا مات على ذلك; وأن المفرط بترك المأمور، أو فعل المحظور، لا يطلق عليه أنه مؤمن; وأن المؤمن المطلق، هو البر التقي، ولي الله; فإذا قال: أنا مؤمن قطعا، كان كقوله: أنا بر، تقي، ولي لله قطعا.
وقد كان أحمد، وغيره من السلف، مع هذا، يكرهون، سؤال الرجل غيره: أمؤمن أنت؟ ويكرهون الجواب; لأن هذا بدعة، أحدثها المرجئة ليحتجوا بها لقولهم; فإن الرجل يعلم من نفسه: أنه ليس بكافر، بل يجد قلبه مصدقا لما جاء به الرسول; فيقول: أنا مؤمن; فلما علم

الصفحة 553