كتاب الأشباه والنظائر - السبكي (اسم الجزء: 1)

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهَّالهم سادوا
أي: ولولاهم لاتخذ الناس رءوسا جهالا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا وخبطوا خبط عشواء فما حرموا ولا حللوا بل حلوا عرى الإيمان حيث حلوا، وشكت الأرض منهم وقع أقدام قوم استزلهم الشيطان فزلوا. فلله الفقهاء نجوم السماء، تشير إليهم بالأكف الأصابع، وشم الأنوف يخضع لديهم كل شامخ الأنف رافع، ونظام الوجود ويضوع بهم مسكا ظهر الأرض فما يظن نعمان، إن مشت به زينب في نسوة حاسرة البراقع وحلقوا على نور الإسلام كسوار المعصم قائلين لأهله والحق سامع.
أخذنا بآفاق السماء [عليكم] ١ ... لنا قمراها والنجوم الطوالع
أي: وزينة الأرض التي بموطئ أقدامهم تقبل الشفاه حلالها وبإحاطة أحكامهم وإحكامهم يذكر حرامها وحلالها وترشف من زلالها ماء حلالها، فلا مزنة ودقت ودقها، ولا أرض [أبقل أبقالها] ٢:
ولقد ساروا في مسالك الفقه غورًا ونجدًا، وداروا عليه هائمين به وجدا وصاروا حامليه ومؤديه حتى إلى غير فقيه فعم نفعًا وأفاد وأجدى.
فسار به من لا يسير مشمرا ... وغني به من لا يغني مغردا
وتفرقت بهم في جملة الأنحاء وتشعبت الطرق وتعددت الأهواء وتباينت الأخلاق والقدر المشترك بينهم سواء فمنهم -وكلهم أحب حب الخير- من سار على منهاجه أحسن سير وجرى في موافقه على منواله غير متعرض إلى غير، ومنهم من جعل دأبه رد الخصوم وخصم المخالفين فلا يفوته الطائف منهم في الأرض يحور ولو أنه الطائر في السماء يحوم، وإقامة الحجج والبراهين [فمنها] ٣ معالم للهدى، مصابيح تجلو الدجى والأخريات رجوم.
ومنهم من قال: الكيس، الكيس، وأحب أن بطرف علومه بطرق المسائل ويوقظ من الأذهان ما هو في سنة الغفلة وما ليس.
---------------
١ سقط في ب.
٢ وفي ب: "أثقل أثقالها".
٣ وفي ب: "منهما".

الصفحة 4