كتاب الأشباه والنظائر - السبكي (اسم الجزء: 1)

بهمة نبذت سهيلا بالعراء وهو مذموم، وجلوت من الأشباه عروس شباب لا شبيه لها مظنون ولا معلوم، إن قلت كما قال حسان:
لم يفتها شمس النهار بشيء
فلست أقول:
غير أن الشباب ليس يدوم
لأنها كلمات أعدها من الباقيات الصالحات والدائمات السابقات، تعوذ بالرقى من غير خبل وتعقد في قلائدها التميم، ثم لم أقدم على هذا الكتاب إلا بإذن سيدي الشيخ الإمام الوالد –قدس الله سره المصون- فإنه أذن لي [فيه] ١ وشرعت في ذلك في حياته، وكتبت منه قطعة شملها نظره الميمون فأعجب له رقا حرره بالكتابة عبد مأذون. نعم حررته وزدت عليه ما ينيف عن نصف مقداره ويضيف الزهر إلى أزهاره ويخيف من سلك غير طريقه فإنه [علي] ٢ لاحب ولا يهتدي بمناره، ونقصت منه ما يورثه نقصا ويكاد به يقصر ويقصى، وخصصته بعموم فضائل لا تحصى، ما بين قواعد أهملها رأسا، وزوائد أغفلها -ومن ذا الذي لا ينسى- وفرائد تطلع في أفق المسائل قمرا وشمسا، بحيث جمع فأوعى قاصيا ودانيا ونطق فأسمع قريبا ونائيا.
ولو أن واشٍ باليمامة داره ... وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
ولاح للمريد سلوك طريقه وراح الفقيه المستفيد يبدي ويعيد، ولا مزيد على تحقيقه، ونفق سوقه فلا يجد من يستطلع في ظلام الشبهات غير صبح فضله استغلظ فاستوى على سوقه، وكمل كتابا طبخ قلوب الحاسدين لما استوى، وسحابا لا تغير معه الأغراض الأهوية قائلة: لا نبرح نحن ولا أنت مكانا سوى: "وعبابا إذا عافى الله مريض القلب وكرع فيه منصفا ظهر ما قلناه، وبدي من بعد ما اندمل الهوى، وحكما يقضي القضايا اقتضيته وتقول: أنت الحكم التُّرْضى حكومته، والله أعطاه فضلا من عطيته فلتشكر عطيته نبهت له الذهن والناس نيام وأيقظت الفكر فأضاء مصباحه في الظلام وأعلمت فيها القلب فجلس يناجي الملك العلام. فلله من وارداته مقام عبد تجيب فيه الملائكة من عز الكلام. داعي الله لا من دعت ساق حر نزحه وترنما ومحفل فكر يسبك فيه ذهب القلوب على الحق ولا ضرب صواع يكفيه درهما، ومجلس علم يفوق مجلس الذكر ومتعلقا بجلوسه صلى الله عليه وسلم في مجلس المعلمين وقوله: "إنما بعثت معلما" ٣ فكم سفه
---------------
١ سقط في "ب".
٢ سقط في "ب".
٣ أخرجه ابن ماجه ١/ ١١٧ في المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم "٢٢٩".
قال البوصيري في زوائده: هذا إسناد فيه بكر وداود وعبد الرحمن وهم ضعفاء وقال رواه أبو داود الطيالسي والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما من طريق عبد الرحمن الإفريقي به.

الصفحة 8