ابن بهرام بن أرتق منبج بعد أن أسر حسّان صاحبها ولم يبق إلا أخذها، فجاء سهم غرب (¬1) فوقع في نحر بلك فأهلكه، وخلص حسّان منه؛ وكانت واقعة عماد الدين شبيهة بواقعة بلك [58] ومن تعالى (¬2) على الله تعالى أكذبه، وقد ورد حكاية عن الله تعالى: «أنا الله ربّ مكة لا أتممت لمقدّر أمرا».
فعاد حسّان إلى عماد الدين وأخبره بامتناعه، ولم يذكر له حديث بلك.
ذكر مقتل الشهيد عماد الدين أتابك زنكى ابن آق سنقر - رحمه الله -
ولما كانت ليلة الأحد لست مضين من ربيع الآخر من هذه السنة - أعنى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة - دخل على أتابك عماد الدين صبى من غلمانه أفرنجى - إسمه برنقش (¬3) - وجماعة من المماليك، فقتلوه على فراشه، وهربوا إلى قلعة جعبر، وأخبروا أهلها بقتله، ففرحوا بذلك، وصاحوا على شرافات القلعة، وأخبروا بقتله العسكر، فدخل أصحابه إليه وبه رمق، فحكى ابن الأثير - رحمه الله (2) - عن أبيه، عن بعض خواص عماد الدين (¬4)، قال: «دخلت إليه في الحال وهو حى،
¬_________
(¬1) جاء في اللسان: «أصابه سهم غرب وغرب إذا كان لا يدرى من رماه، وقيل إذا أتاه من حيث لا يدرى، وقيل إذا تعمد به غيره فأصابه».
(¬2) في الأصل: «تالى» وما هنا قراءة ترجيحية.
(¬3) كذا في الأصل، وهو في (ابن القلانسى، ص 284 و 288): «يرنقش»؛ وفى (أبو شامة: الروضتين، ص 42 و 46): «برتقش»؛ أما ابن الأثير وسبط ابن الجوزى فلم ينصا على اسمه. أنظر أيضا: (حسن حبشى: ثور الدين والصليبيون، ص 40). ويبدو أن صاحب جعبر هو الذى حرض على قتله بدليل أن قتلته فروا إلى قلعة جعبر بعيد قتله مباشرة.
(¬4) لهذا الدعاء أهمية خاصة، فهو يحدد تاريخ البدء في تأليف هذا الكتاب ويجعله بعد سنة 630 هـ وهى السنة التي توفى فيها ابن الأثير المؤرخ.