كتاب ذيل مرآة الزمان (اسم الجزء: 1)

فلما وصل إلى السياج الذي على ظاهر الزاوية طلب فقيراً من داخل السياج وقال له أبصر في الزاوية ورقة تحت اللباد الذي لي أحضرها قال النصراني فتوهمت أنها كتاب كتبه إلى من يعطيني شيئاً من وقف الأسرى أو غيره فأحضر ذلك الفقير ورقة ناولها الشيخ فناولني إياها فوجدتها ثقيلة فقال خذ هذا فأبعدت عنه وفتحت الورقة فوجدت فيها الستين ديناراً التي وجدتها في الأسير بعينها فتحيرت وأخذتها وانصرفت قال أبو طالب لم لا أسلمت فقال ما أراد الله وحكى لي الشيخ عمران حمل رحمه الله بقرية برصونا من حبل الطينين في شهر ربيع الآخر سنة ثمانين وست مائة بعد منصرفي من ظاهر طرابلس بعد فتحها وقد بت عنده وجرى حديث التفاح وقد أكلته الدودة ويبست معظم أشجاره عندهم فقال ما معناه كانت الدودة قد ركبت أشجار التفاح عندنا بحيث
أعطبتها فشكونا ذلك إلى الشيخ عيسى رحمه الله وسألناه أن يكتب لنا حرزاً فأعطانا ورقة مطوية صورة حرز فشمعناها وعلقناها على بعض الأشجار فزالت الدودة عن الوادي بأسره وأخصبت أشجار التفاح بعد يبسها وحملت حملاً مفرطاً وبقينا على ذلك سنين في حياة الشيخ وبعد وفاته ثم خشينا ضياع الحرز وقلنا ننسخه فأزلنا عنه الشمع وفتحناه فإذا هو قطعة من كتاب ورد على الشيخ من بعض أهل حماة فندمنا على فتحه ثم شمعناه وأعدناه إلى مكانه فجاءت الدودة وركبت الأشجار وأعطبتها واستمر الحال على ذلك وحكى لي الحاج علي بن أبي بكر بن دلفة اليونيني ما معناه قال كان والدي وابن عمك نور الدولة علي بن عمر بن نيار رحمه الله قد اتفقنا على عمارة حمام بقرية يونين وحصلوا بعض آلاته وهيئوا المكان الذي يعمر فيه واهتموا بذلك واتفق أنهما طلعا إلى عند الشيخ عيسى وأنا معهما فقال لهما الشيخ رحمه الله بلغني أنكم تريدون تعمرون حماماً في هذه القرية وهذا لا تفعلوه واتركوا - ص 2 ورقة عشرة ألف - عمارته فما وسعهم إلا أن قالوا السمع والطاعة وقاموا من عنده فلما بعدوا عنه قال أحدهما للآخر كيف نعمل بهذه الآلات فقال له صاحبه الشيخ عيسى رجل كبير ما يخلد نصبر فمتى مات عمرناه فطلبهما الشيخ إليه وقال كأني بكم قد قلتم كذا وكذا وأنكم تعمرون الحمام بعد موتي وهذا لا يصير ولا يعمر في القرية حمام لا في حياتي ولا بعد موتي فاعتذروا إليه مما قالوه وفارقوا على ذلك قلت فأنا والله رأيت الأمير جمال الدين التجيبي رحمه الله نائب السلطنة في الشام في أوائل الدولة الظاهرية وكان معهم مقطع معظم يونين قد اهتم بعمارة حمام في القرية واشترى القدور وسائر الآلات ولم يبق إلا عمارته ثم اتفق ما صرفه عن ذلك ثم انتقل الخبر إلى الأمير عز الدين أيدمر الظاهري متولي نيابة السلطنة بالشام بعده فشرع في ذلك واهتم به كهمة الأمير جمال الدين أو أكثر وحفر الأساس ثم بطل ذلك بموانع سماوية وأظن أميراً آخر غيرهما اقطع في القرية فعزم على مثل ذلك فلم يتم وصح قول الشيخ رحمه الله تعالى وحدثني المغربي عامر بن يحيى بنى ريان بمنزلي بقرية يونين في ثاني وعشرين ذي قعدة سنة اثنتين وتسعين وستمائة ما معناه قال قدم الشيخ عثمان رحمه الله من دير ناعر إلى بعلبك ووالدك رحمه الله في يونين وقصده وخرجت في خدمته فطرقت باب هذه الدار واستأذنت على والدك رحمه الله ودخلت إليه وقلت يا سيدي الشيخ عثمان قد حضر إلى خدمتك قال يدخل فلما دخل تلقاه والدك ورحب به وجلسا يتحدثان وحضر شيء للأكل فأكلا ومن عندهما فلما شيل السماط قال والدك للشيخ عثمان ما تطلع تزور أخاك الشيخ عيسى قال اطلع في خفارتك قال نعم في خفارتي قال وطلع وأنا معه فلما وصل إلى زاوية الشيخ عيسى تلقاه واعتنقه وبالغ في الترحيب به وجلسا يتحدثان زمنا طويلا وودعه الشيخ عثمان ونزل إلى عند والدك إلى هذه الدار فلما دخل عليه قال له والدك كيف رأيت قال له يا سيدي كل خير قال عامر فسألت الشيخ عثمان بعد ذلك عن توقفه عن الطلوع إلى الشيخ عيسى حتى أجاره والدك قال يا ولدي قدمت هذه القرية من سنين بعد وفاة الشيخ عبد الله الكبير رحمه الله بسنيات ونمت في المرح الذي في الزوايا فلما مضى بعض الليل قمت لأجدد الوضوء في الطهارة فحين خرجت إلى الطريق وجدت ثعباناً عظيماً فتح فاه وكاد يبتلعني فصرخت - ص 2 ورقة 10 ب - وقلت يا سيدي الشيخ عبد الله أنا في جيرتك وفي حسبك فلم أستتم كلامي إلا والشيخ عبد الله واقف بيني وبين الثعبان وبيده حربة وضرب الثعبان بين كتفيه بيده وقال مالك يا نحيس ضيف وارد عليك تفعل معه هذا وإذا بذلك الثعبان هو الشيخ عيسى فطلع إلى زاويته فهذا سبب قولي الذي سمعت ولو لم يجرني سيدي الشيخ الفقيه منه لما طلعت إليه وكرامات الشيخ عيسى كثيرة رحمه الله ورضي عنه. عيسى بن ظاهر بن نصر الله بن جميل أبو محمد الحلبي الحاجب - 12ب - وأظن لقبه القطب كان قيّماً بالفرائض والحساب والأوقاف وله مشاركة في غير ذلك من العلوم ولد بحلب في سادس محرم سنة أربع وثمانين وخمسمائة وانتقل إلى القدس الشريف وأقام به مدة ثم عاد إلى مدينة دمشق وأقام بها إلى سنة أربع وأربعين وستمائة ثم انتقل إلى مدينة حلب وأقام بها إلى أن توفي بها في ليلة الخميس مستهل شهر رمضان هذه السنة رحمه الله تعالى. بتها فشكونا ذلك إلى الشيخ عيسى رحمه الله وسألناه أن يكتب لنا حرزاً فأعطانا ورقة مطوية صورة حرز فشمعناها وعلقناها على بعض الأشجار فزالت الدودة عن الوادي بأسره وأخصبت أشجار التفاح بعد يبسها وحملت حملاً مفرطاً وبقينا على ذلك سنين في حياة الشيخ وبعد وفاته ثم خشينا ضياع الحرز وقلنا ننسخه فأزلنا عنه الشمع وفتحناه فإذا هو قطعة من كتاب ورد على الشيخ من بعض أهل حماة فندمنا على فتحه ثم شمعناه وأعدناه إلى مكانه فجاءت الدودة وركبت الأشجار وأعطبتها واستمر الحال على ذلك وحكى لي الحاج علي بن أبي بكر بن دلفة

الصفحة 30