كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 1)

وكان أولاً جوكنداراً، ويدعوه السلطان الملك الناصر يا عمي، وكان من أولاده أكبرهم يُدعى ناصر الدين محمد، لم يكن في مصر من يلعب الكرة مثله، ويدعوه السلطان: أخي، وكان لا يفارقه.
وكان بكتمر في أيّام سلاّر والجاشنكير أحد أرباب الحلّ والعقد، ثم إنهما عملا عليه وأخرجاه إلى الصُبيبة نائباً، فوصل إليها في شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبع مئة، فأقامَ بها مُدةً.
ولما توفي سُنقر شاه نائب صفد رسم له بنيابة صفد في شعبان سنة سبع وسبع مئة، فحضر إليها ومعه ثماني مئة مملوك، فإذا ركبَ فيهم كانوا قريباً من عسكر صفد، فأقام بها قريباً من سنتين، ولما خرج السلطان من الكرك لاقاه الأمير سيف الدين بكتمر إلى دمشق، وتوجه معه إلى مصر، وأقرّه في النيابة بمصر. ولم يزل في النيابة إلى أن أمسكه واعتقله، فأخذه إلى الأموات ونقله.
وكان بكتمر الجوكندار خيراً ساكناً، مائلاً إلى المسالمة راكنا، لا يرى سفك الدم، ولا يعتني بالقصاص ولا النقم، وإذا جاؤوه بقاتل ضربه ضرباً مبرحاً. وقال مصرحاً لا ملوحا: الحي خيرٌ من الميت، فليقم هذا من السجن في بيت، إلا أنه يضر به ما يقارب السبع مئة عصا، إلى أن يلوك من الألم الحصى، فكثر بذلك العبث والفساد في بلاد صفد، وزاد المتحرَّم وحشد.
وحجّ حجة وأنفق فيها أموالاً عظيمة، وأعطى الفقراء والمجاورين بالحرمين ما جلّى به لياليهم البهيمة، وحمل إلى مكتة القمح، وفرقه فيها بكفه السمح، وأنشأ

الصفحة 707