كتاب مشارق الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 1)
فِي مَعْنَاهُ فَقيل لِأَنَّهُ كَانَ إِذا مسح على ذِي عاهة برا وَقيل لمسحه الأَرْض وسياحته فِيهَا فَهُوَ على هَذَا فعيل بِمَعْنى فَاعل وَقيل لِأَنَّهُ كَانَ مَمْسُوح الرجل لَا أَخْمص لَهُ وَقيل لِأَن الله مَسحه أَي خلقه خلقا حسنا والمسحة الْجمال وَالْحسن وَقيل لِأَن زَكَرِيَّاء مَسحه فَهُوَ هُنَا بِمَعْنى مفعول أَي مَمْسُوح وَقيل هُوَ اسْم خصّه الله بِهِ وَقيل هُوَ الصّديق وَقَالَ وَأما الْمَسِيح الدَّجَّال فَاخْتلف فِي لَفظه وَمَعْنَاهُ فَأكْثر الروَاة وَأهل الْمعرفَة يَقُولُونَهُ مثل الأول وَكَذَا قيدناه فِي هَذِه الْأُصُول عَن جمهورهم وَوَقع عِنْد شَيخنَا أبي إِسْحَاق فِي الْمُوَطَّأ بِكَسْر الْمِيم وَالسِّين وبتثقيلها أَيْضا وَحَكَاهُ شَيخنَا أَبُو عبد الله التجِيبِي عَن أبي مَرْوَان بن سراج قَالَ من كسر الْمِيم شدد مثل شريب وَأنكر هَذَا الْهَرَوِيّ وَقَالَ لَيْسَ بِشَيْء وخفف غَيره السِّين كَذَا وجدته مُقَيّدا بِخَط الْأصيلِيّ فِي كتاب الْأَنْبِيَاء قَالَ بَعضهم كسرت الْمِيم فِيهِ للتفرقة بَينه وَبَين عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ الْحَرْبِيّ بَعضهم يكسرها فِي الدَّجَّال ويفتحها فِي عِيسَى وَغَيرهَا وَلَا أيابون هَذَا كُله وَأَنه لَا فرق بَين الاسمين فِي فتح الْمِيم وَتَخْفِيف السِّين وَأَن عِيسَى مسيح الْهدى وَهَذَا مسيح الضَّلَالَة وَقد ورد مثل هَذَا فِي حَدِيث وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم الْمَسِيح بِالْحَاء الْمُهْملَة ضد المسيخ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة مَسحه الله إِذا خلقه خلقا حسنا ومسخه إِذا خلقه خلقا ملعونا وَقَالَ أَبُو بكر الصُّوفِي أهل الحَدِيث يفرقون بَينهمَا وَبَعض أهل اللُّغَة يَقُولُونَ للدجال بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين وَأَكْثَرهم لَا يرَوْنَ ذَلِك وَقَالَ الْأَمِير أَبُو نصر سمعته من الصورى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَقيل إِنَّمَا سمي مسيحا لمسح إِحْدَى عَيْنَيْهِ والمسيح الْمَمْسُوح الْعين قَالَ أَبُو عبيد وَبِه سمي الدَّجَّال فَيكون بِمَعْنى مفعول وَقيل لمسحه الأَرْض فَيكون بِمَعْنى فَاعل وَقيل التمسح والتمساح المارد الْخَبيث فقد يكون فعيلا من هَذَا وَقَالَ ثَعْلَب فِي نوادره التمسح والممسح الْكذَّاب فقد يكون من هَذَا أَيْضا وَبَعض الشُّيُوخ بقوله المسيخ بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين وَالْخَاء الْمُعْجَمَة من المسخ نَحْو مَا حَكَاهُ أَبُو الْهَيْثَم وَقيل الْمَسِيح الْأَعْوَر وَبِه سمي الدَّجَّال قيل وَأَصله بالعبرانية مشيحا فعرب كَمَا عرب مُوسَى
قَوْله فِي حَدِيث سُلَيْمَان فَطَفِقَ مسحا بِالسوقِ والأعناق كَمَا قَالَ الله تَعَالَى قيل ضرب أعناقها وعرقبها يُقَال مَسحه بِالسَّيْفِ أَي ضربه وَالْمسح الضَّرْب وَالْقطع وَقيل مسحها بِالْمَاءِ بِيَدِهِ
وَقَوله فِي حَدِيث الْخضر فِي الْجِدَار فمسحه بِيَدِهِ فاستقام ظَاهره أَنه أَقَامَهُ بمسحه بِيَدِهِ عَلَيْهِ وَقيل كَمَا يُقيم القلال الطين بمسحه
(م س ك) قَوْله خذي فرْصَة ممسكة بِفَتْح السِّين قيل مطيبة بالمسك وَقيل ذَات مسك أَي جلد أَي قِطْعَة صوف بجلدها أَو من الْإِمْسَاك بجلدها لِأَنَّهُ أضبط لَهَا وَقَالَ القتبي ممسكة أَي مُحْتَملَة فِي الْقبل وَقد رَوَاهُ بَعضهم بِكَسْر السِّين أَي ذَات مساك
وَفِي الحَدِيث الآخر فرْصَة من مسك رُوِيَ بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا وبالفتح قيدها الْأصيلِيّ وَرَوَاهُ مُسلم أَي قِطْعَة جلد وبالكسر قِطْعَة من مسك الطّيب الْمَعْلُوم وَهِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ عَن مُسلم وَبَعض رُوَاة البُخَارِيّ وَكَذَا رَوَاهَا الشَّافِعِي وَجَمَاعَة وَيدل على تَرْجِيحه قَوْله فِي بعض الْأَحَادِيث فَإِن لم تجدي فطيبا فَإِن لم تفعلي فالماء كَاف
وَقَوْلها إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك أَكثر الروَاة يضبطونه بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين للْمُبَالَغَة فِي الْبُخْل مثل شريب وخمير وَرِوَايَة المتقنين وَأهل الْعَرَبيَّة فِيهِ مسيك بِفَتْح الْمِيم وَكسر السِّين وَكَذَا ضَبطه الْمُسْتَمْلِي وَكَذَا قيدناه عَن أبي بَحر فِي مُسلم وبالوجهين قيدناه عَن أبي الْحُسَيْن والمسيك الْبَخِيل
الصفحة 387
408