كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية (اسم الجزء: 1)

يَدَيْهِ قندز ليُعمل على وبر ليلبسه بِخَمْسَة دَنَانِير فَقَالَ هَذَا الثّمن كثير اشْتَروا لي قندزا بدينارين وتصدقوا بِثَلَاثَة دَنَانِير قَالَ فراجعناه غير مرّة فَلم يفعل
قَالَ وَحكى لي من أَثِق إِلَيْهِ من الْعُدُول بالموصل أَن الأقوات تَعَذَّرَتْ فِي بعض السنين بهَا وغلت الأسعار وَكَانَ بالموصل رجل من الصَّالِحين يُقَال لَهُ الشَّيْخ عمر الملاء فَأحْضرهُ جمال الدّين وَسلم إِلَيْهِ مَالا وَقَالَ لَهُ تخرج هَذَا المَال على مُسْتَحقّه وَكلما فرغ أرسل إِلَيّ لأنفذ غَيره فَلم تمض إِلَّا أَيَّام يسيرَة حَتَّى فرغ ذَلِك المَال لِكَثْرَة المحتاجين فأنفذ لَهُ شَيْئا آخر ففنى ثمَّ أرسل يطْلب مَا يُخرجهُ فَقَالَ جمال الدّين للرسول
وَالله مَا عِنْدِي شَيْء وَلَكِن خُذ هَذِه المحافر الَّتِي فِي دَاري فبيعوها وتصدقوا بِثمنِهَا إِلَى أَن يأتينا شَيْء آخر فنرسله إِلَى الشَّيْخ عمر فبيعت المحافر وتصدقوا بِثمنِهَا وعرفوه ذَلِك فَلم يكن عِنْده مَا يُرْسِلهُ فَأعْطَاهُ ثِيَابه الَّتِي كَانَ يلبسهَا مَعَ الْعِمَامَة الَّتِي كَانَت على رَأسه وَأرْسل الْجَمِيع وَقَالَ للرسول قل للشَّيْخ لَا يمْتَنع من الطّلب فَهَذِهِ أَيَّام مواساة
فَلَمَّا وصلت الثِّيَاب إِلَى الشَّيْخ عمر بَكَى وباعها وَتصدق بِثمنِهَا
قَالَ وَحكى لي بعض الصُّوفِيَّة مِمَّن كَانَ يصحب الشَّيْخ عمر النَّسَائِيّ شيخ الشُّيُوخ بالموصل قَالَ أحضرني الشَّيْخ فَقَالَ لي انْطلق

الصفحة 432